ملف العدد
تطوير القدرات في مجالات المشاركة والتعاون والإشراك
العدد 160 | تشرين اﻷول (أكتوبر)-2021

بقلم محمد السوسي
مهندس ميكاترونيكس

يهدف هذا المقال إلى توفير تفاصيل عن تطبيق الحكومة المفتوحة، وإلى تقديم مادة أساسية لتنمية قدرة صانعي القرار الحكوميين في المنطقة العربية على تنفيذ استراتيجيات حكومة مفتوحة ناجحة بالاستعانة بسياسات ومبادرات ترمي إلى الانفتاح والمشاركة والتعاون والإشراك. وجميعها وسائل لزيادة المساءلة الحكومية وقابلية الاستجابة والشمول والفعالية، كما يوضحها إطار عمل الإسكوا المتعلق بالحكومة المفتوحة وتمليها احتياجات البلدان العربية وأولوياتها. ويوفر هذا المقال أيضًا استراتيجية عامة على المدى المتوسط والبعيد لتطبيق الحكومة المفتوحة في البلدان العربية الذي يتألف من أربع مراحل: 1- الانفتاح، 2- المشاركة، 3- التعاون، 4- الإشراك. 
 
المراحل الاستراتيجية لتطبيق الحكومة المفتوحة في البلدان العربية:
 
المرحلة الأولى: استراتيجية الانفتاح العامة
 
 - الأهداف العامة
يتمثل هدف استراتيجية الحكومة المفتوحة في تحقيق الانفتاح والشفافية. ويتطلب ذلك فتح المعلومات والمعطيات (الحكومية) ونشرها وضمان جودتها واستعمالها، إضافة إلى بناء ثقافة التعاون والانفتاح في الهيئات الحكومية نحو منهج مشترك للحكومة بكاملها، مما يسهل على الجهات الحكومية فهم عمل الحكومة وكيفية تنظيمه. ويتمثل جزء كبير من هذا الأمر في وضع المعطيات على الإنترنت. وتشمل النقاط المرجعية للمرحلة الأولى ما يلي:
  • الانفتاح هو في الأساس أحادي الاتجاه: من الحكومة إلى الجهات غير الحكومية، بحيث تكون الحكومة فاعلة والجهات غير الحكومية غير فاعلة.
  • بعض المعطيات ذات الصلة يمكن الحصول عليها من جزء المعلومات الإلكترونية من مؤشر الأمم المتحدة للمشاركة الإلكترونية.
  • المستوى الأكثر ملاءمة من نموذج النجوم الخمس للمعطيات المفتوحة في المرحلة الأولى هو مستوى النجمة الواحدة: أي معطيات متاحة على شبكة الويب بأية صيغة، لكن بترخيص مفتوح.
 - وضع السياسات والاستراتيجيات: الدروس والتوجيهات
  • السياسات: في المرحلة الأولى (مرحلة الانفتاح) يوصَى بالشفافية، بحيث يجب أن تكون كل أعمال الحكومة من حيث المبدأ شفافة تمامًا، إلا في مجالات قانونية محددة. تتيح هذه الشفافية للجمهور فهمَ أعمال حكومتهم، وتمنحهم فرصة محاسبتها على سياستها وأدائها في تقديم الخدمات. ويتطلب ذلك إطارًا سياسيًّا مستقرًّا طويل الأمد ويوفر موارد كافية، إضافة إلى الدعم والإرادة السياسية للحكومة المفتوحة بناء على الحكومة الإلكترونية. ومن المهم أيضًا مواءمةُ سياسات الحكومة الإلكترونية والحكومة المفتوحة مواءمةً وثيقة مع السياسات المجتمعية الأوسع نطاقًا التي يتبعها بلد ما، وذلك من أجل تحقيق أقصى قدر من التفاعل والأثر الإيجابي من جهة، وتقليل الخلافات مع تلك السياسات إلى حدها الأدنى من جهة أخرى. كلُّ ذلك بقصد منع ما قد يترتب عليها من تأثيرات سلبية وهدر للموارد.
  • التأثيرات والفوائد والتكاليف: ترتبط التكاليف الرئيسية للحكومة المفتوحة والحكومة الإلكترونية بالتمويل والموارد المحدودة. فعلى سبيل المثال، سينتج عن أي جهود وموارد مالية مخصصة لها مدخلاتٌ أقل من السياسات والمبادرات والبرامج الأخرى. ومع ذلك، يمكن تحقيق فوائد كبيرة إذا صُمِّمت سياسات الحكومة المفتوحة ونُفِّذت وجرت متابعتها على الوجه الأكمل.
  • المكاسب السريعة: على الرغم من ضرورة توخي الحذر لكي لا تعيق المكاسبُ السريعة الأهدافَ الطويلة الأمد، فإن ثمة مبادرات محتملة ومحققة بسهولة نسبيًّا يمكنها أن تعزز التقدم بدرجة ملحوظة وأن تكون واضحة تمامًا. يشمل ذلك تحليلَ مكان وكيفية تحمُّل التكاليف، وعدد المعاملات وتكاليفها من أجل التمييز بين التي قد تتغير بسرعة لتحقيق نتائج سريعة وتلك التي تتطلب عملًا طويل الأمد. ومن المفيد أيضا دراسة كل المسائل التشريعية والقانونية ذات الصلة لتحديد ما قد تتغير بسرعة لتحقيق نتائج سريعة مقارنة بتلك التي تتطلب عملًا طويل الأمد. ومن الأفضل البدء بالمؤسسات الراغبة، والاستناد إليها، ثم إظهار الفوائد للآخرين. يجب أن يرسم واضعو السياساتِ المبادئَ المتعلقة بكيفية إدراج الحكومة المفتوحة التي تدعمها تقانة المعلومات والاتصالات ضمن نظام جديد، ويجب أن يحدد ذلك المجالات المنظمة والمعطيات المتاحة، وما يُطلب من الأفراد القيامَ به، وما هو الممكن تنفيذه من الناحية التقنية. وكذلك عليهم النظر في مسألة امتلاك السلطات الأخرى للمعلومات المطلوبة. وفي نهاية المطاف نحتاج إلى منهج "قائم على المخاطرة" للحكومة المفتوحة بقصد المقارنة بين المجهود المبذول في إعداد المعطيات المفتوحة وتوفيرها من جهة، ومخاطر عدم القيام بذلك من جهة أخرى.
 - توفير أطر عمل مؤسسية: الدروس والتوجيهات
  • المؤسسات: تحتاج التغيرات المؤسسية إلى وضعها موضع التنفيذ لدعم الانفتاح، وتشمل السلطةَ الحكومية/الوطنية لتسهيل وإدارة الشفافية والشفافية الإلكترونية والمعطيات الحكومية المفتوحة.
  • الحوكمة: ثمة حاجةٌ لتوضيح الدور وترسيم السلطة بين المؤسسات، ومن ذلك التوازن بين المركزية واللامركزية، لاسيما فيما يتعلق بالمسؤولية والمساءلة. وفي حال وجود مؤسسات لامركزية مشارِكة في الاستراتيجية، يجب تنسيقها ودعمها.
  • الرصد: يعد رصد بدء تنفيذ استراتيجية الحكومة المفتوحة أمرًا ضروريًّا لتقييم وتحديد حجم الفوائد والتكاليف النقدية وغير النقدية على حد سواء للحكومة المفتوحة التي تدعمها تقانة المعلومات والاتصالات باستمرار. ويجب أن يشمل ذلك كلا النوعين من المؤشرات:
        1- المؤشرات الكمية، وتتضمن عدد مجموعات المعطيات المنشورة وعدد المرات التي تم فيها تنزيل المعطيات وتواتر الزيارات
        2- المؤشرات النوعية، وتتضمن معرفة الجمهور لمبادرات الحكومة المفتوحة وخدماتها، إضافة إلى الرضا العام فيما يتعلق بالتفاعلات مع الحكومة.
إنشاء أطر عمل تشريعية وتنظيمية: الدروس والتوجيهات
  • القوانين والتشريعات: ينبغي وضع التشريعات و/أو النظم موضع التنفيذ لدعم الانفتاح. وتشمل التشريعاتِ و/أو النظمَ التي تجسد السياسات المتعلقة بالمعطيات وحرية الإعلام، وإعادة استعمال المعطيات والمعلومات، وحقوق الجهات الفاعلة غير الحكومية في الحصول على المعلومات والمعطيات واستعمالها، ومن ذلك المعطيات الحكومية المفتوحة.
  • المعطيات الحكومية المفتوحة: تشير المعطيات الحكومية المفتوحة إلى كافة المعطيات التي تضعها السلطات الحكومية في متناول أيدي الجهات الفاعلة غير الحكومية في بوابة إلكترونية أو موقع إلكتروني، أو بناء على طلب طرف معني واحد أو أكثر. وغالبًا ما يكون توفير المعطيات الحكومية المفتوحة من دون مقابل.
  • حماية المعطيات: ينبغي حماية المعطيات على جميع المستويات في المؤسسات كافة. وتعد نظمُ حماية/خصوصية المعطيات الواضحة والجديرة بالثقة والمحددة قانونيًّا، ضروريةً لنجاح الحكومة المفتوحة التي تدعمها تقانة المعلومات والاتصالات، إلى جانب نظم متينة لإدارة المعلومات. ويتطلب ذلك قاعدةً قانونية واضحة. على سبيل المثال تحديد الجهات والمسؤولين الذين يمكنهم استعمال أية معطيات. وغالبًا ما تتمثل المشكلة الكبيرة في مدى تحكم الأفراد بمعطياتهم الخاصة. وفي حال عدم وجود سجلات أساسية أو معرِّفات خاصة بالأشخاص، يجب أن تقرر الحكومات كيف تتيح لهؤلاء الأشخاص أن يتحكموا في استعمال معطياتهم الخاصة.
  • الأمن: ثمة ثلاث مسائل مهمة ينبغي أن توليها الحكومةُ المفتوحة اهتمامَها لتوفير السلامة والأمن. أولًا، يجب أن يَمنع الأمنُ التقني للحكومة المفتوحة من حصول أيِّ ضررٍ في نظم الحكومة الخاصة سواء من طريق الفيروسات أو مخترقي الشبكات أو الأشخاص ذوي النيات السيئة، ومن تلقي البريد الواغل (رسائل البريد الإلكتروني التطفلية). ثانيًا، يجب أن تضمن الحكومة المفتوحة أمن معطيات المواطنين ضمانًا تامًّا، مثل كلمات المرور وأرقام الهوية الشخصية والحساب المصرفي والتفاصيل الصحية. ثالثًا، يجب أن تضمن الحكومة المفتوحة أمن السمعة، وذلك بمنع نشر المحتوى أو عرضه.
- تحسين القدرات الحكومية: الدروس والتوجيهات
ينبغي وضع عدد من السياسات - التي تم إعدادها وتنفيذها في المرحلة الأولى - للمراحل الثلاث المتبقية، اعتمادًا على الأهداف والطموحات العامة، كما هو موضح فيما يلي:
  • فيما يتعلق بالمعطيات الحكومية المفتوحة، ينبغي التركيز على مجموعات المعطيات العالية الجودة. تتمثل عوامل النجاح الرئيسية للحكومة المفتوحة التي تدعمها تقانة المعلومات والاتصالات في التركيز على المجالات العالية الأثر، والمسائل التي قد تعطي الأولوية للمبادرات وكيفية تنفيذها. على سبيل المثال، في المعطيات الحكومية المفتوحة، يبدو مستوى إطلاق مبادرات المعطيات المفتوحة في البلدان العربية محدودًا نوعًا ما.
  • تطوير قدرات الموظفين الحكوميين: لن تحقق العديد من السياسات والمبادرات اللازمة للمشاركة الإلكترونية والحكومة المفتوحة النجاح إلا إذا كان لدى الموظفين الحكوميين أيضًا منظور الحكومة بكاملها، إضافة إلى الأمن والثقة والضمان بأن يحصلوا على ترقية وظيفية جيدة في القطاع العام عن طريق الممارسات الإدارية الجيدة، إضافة إلى التدريب وعقود العمل الملائمة.
  • زيادة الوعي واستغلال فوائد التعاون العابر للحدود: أثبتت القيمةُ العابرة للحدود لمبادرات الحكومة المفتوحة المدعومة بتقانة المعلومات والاتصالات في أوربا (المنطقة الرائدة في هذا السياق) جدارتها، ويمكن للبلدان العربية أن تستمد إلهامها منها. وقد تستمد البلدان العربية أيضًا بعض الدروس من تبادل المعطيات بين بلدان مجلس التعاون الخليجي. ويجب أن تكون المعطيات المفتوحة موحدة ومشتركة، ليس فقط بين المؤسسات والجهات المختلفة، بل بين البلدان أيضًا عن طريق القطاعات العالية الجودة أو ذات الأهمية السياسية. ويتطلب ذلك إطارًا مشتركًا للتشغيل البيني للنظم، مثل الإطار الأوروبي للتشغيل البيني.
- طرح ميزات التقانة وقنواتها: الدروس والتوجيهات
مع التركيز على المرحلة الأولى بمفردها، يعد استعمال أية تقانة معلومات واتصالات متاحة أمرًا ذا صلة، مثل صفحات الوب التقليدية والتطبيقات النقالة. لكن، بناء على الأهداف والطموحات العامة لكل بلد، يجب أن تصمَّم ميزات التقانة وقنواتها - المعدة والمنفذة في المرحلة الأولى - بحيث تكون أساسًا للمراحل الثلاث الأخرى.
  • أدوات وسمات الشفافية: بالاعتماد جزئيًّا على مؤشر الأمم المتحدة للمشاركة الإلكترونية من أجل قياس المعلومات الإلكترونية (تمكين المشاركة عن طريق تزويد المواطنين بمعلومات عامة والحصول على المعلومات عند الطلب أو من دونه).
  • مواءمة وتصميم قنوات وسمات الحكومة المفتوحة لتناسب الاحتياجات المشتركة للحكومة والأشخاص: نظرًا إلى الظروف الخاصة بكل بلد عربي، يجب أن تصمَّم القنوات والسمات التقنية للحكومة المفتوحة بأكبر قدر من الدقة لتناسب احتياجات الحكومة والأشخاص على حد سواء. حيث يحتاج ذلك إلى عملية تجريب وملاءمة مستمرة يمكن بواسطتها تطبيق الدروس المستفادة، التي تعتمد أيضًا على الممارسات الجيدة العربية والعالمية وعلى مستويات عالية من التعاون بين البلدان العربية. ويمكن تحقيق ذلك، على سبيل المثال، بتحليل الخدمات الحكومية الأساسية، ودعم العروض لمختلف الجهات الفاعلة غير الحكومية، ومطابقتها بالخدمة والدعم. ويمكن للحكومة أن تجري مسوحًا للأشخاص، حيثما أمكن ذلك، بالإنترنت أو بالوسائل التقليدية، مثل المقابَلات ومجموعات التركيز والاستبيانات في الأماكن العامة.
  • زيادة الوعي والاستفادة من ميزات الحكومة الإلكترونية عمومًا والحكومة المفتوحة خصوصًا بين الجهات الفاعلة غير الحكومية: على الرغم من البنية التحتية الأساسية والخدمات الإلكترونية القائمة بالفعل، ومن بعض الأنشطة التي أجريت لزيادة الوعي، ما زال استيعاب عروض وحلول الخدمات الإلكترونية والحكومة المفتوحة منخفضًا بوجه عام في البلدان العربية. 
  • توفير الحوافز لانخراط الجهات غير الحكومية: يجب أن تطرح مسائل أساسية مثل سبب رغبة الجهات الفاعلة غير الحكومية في الاستعمال والإشراك في تقديمات الحكومة المفتوحة التي تدعمها تقانة المعلومات والاتصالات، ولاسيما ماهيتها بالنسبة لها وكيفية المشاركة بها. وعلى الرغم من أن القدرة الحكومية موجودة، غير أن ما ينقص هو قدرة الجمهور واستعداده. ومن المهم معالجة المسائل المتعلقة بكيفية وسهولة مشاركة المواطنين، وما هي الحوافز اللازمة للاستمرار والنجاح بذلك في المستقبل.
- تحسين القدرات العامة: الدروس والتوجيهات
  • توفير تدريب أساسي على التقانة الرقمية: ثمة حاجة إلى توفير تدريب رقمي أساسي للجميع، لاسيما لأولئك البعيدين عن التقانة الرقمية في الأصل، مثل كبار السن والفقراء وذوي الاحتياجات الخاصة. ويجب أن يشتمل التدريب على الحصول على مهارات تقانة المعلومات والاتصالات المناسبة، وكيفية النفاذ إليها، وكيفية استعمال المعلومات.
  • التفاعل المباشر مع الجمهور لتنظيم جانب الطلب في النظام البيئي (الإيكولوجي) للحكومة المفتوحة: ثمة حاجة إلى ضمان استعمال سمات الحكومة المفتوحة والمعطيات المفتوحة. على سبيل المثال، مشاركة من يعيدون استعمال المعطيات المفتوحة هو أمر مهم للإسهام في إعطاء الأولوية لمجموعات المعطيات الأشد أهمية، ولتوفير تعليقات مباشرة حول المطلوب من المعطيات من أجل تحسين استعمالها.
 
المرحلة الثانية: استراتيجية المشاركة العامة
 
- الأهداف العامة
كما ذُكر سابقًا يجب أن تكون استراتيجية الحكومة المفتوحة قائمة على المشاركة، ويتطلب ذلك تعزيز مشاركة الجهات الفاعلة غير الحكومية في عمل الحكومة عن طريق حلقات التفاعل وتقديم الأفكار والمعارف. وهذا يعني أن الحكومة تضع جدول الأعمال بطريقة فاعلة وأن الجهات غير الحكومية ستكون متفاعلة. ويتمثل جزء كبير من هذه الخطوة في وضع المعطيات على شبكة الإنترنت وجعلها مقروءة آليًّا وذات صيغة موحدة.
- وضع السياسات والاستراتيجيات: الدروس والتوجيهات
ينبغي مبدئيًّا أن تكون جميع الأنشطة الحكومية مفتوحة بالكامل للمشاركة العامة إلا في مجالات محددة منصوص عليها في القانون. وتتيح مشاركةُ الأفراد الإسهامَ في تقديم الأفكار والخبرات، بحيث يمكن لحكومتهم وضع السياسات مع الاستفادة من المعلومات المنتشرة على نطاق واسع في المجتمع. ولكن الحكومة تحدد جدول الأعمال والقضايا القابلة للتشاور، ولا تشمل مباشرة الجهات الفاعلة الأخرى في صنع القرارات، بحيث تحتفظ دائما بالدور القيادي. ومع أن الانفتاح بمفرده غير فعال، فمن الضروري أن تكون المشاركة نشطة حتى يتمكن الجمهور من رؤية وفهم ما يحدث داخل الحكومة للتأثير في أعمالها بالمشاركة في عمليات السياسة العامة، ومن ذلك ما يتعلق بالخدمات العامة مثلًا.
- توفير أطر عمل مؤسسية: الدروس والتوجيهات
  • المؤسسات: يجب وضع الترتيبات المؤسسية موضع التنفيذ لدعم المشاركة. تشمل هذه الترتيبات اعتماد سلطة حكومية/وطنية أو صلاحية لتسهيل وإدارة المشاركة، والمشاركة الإلكترونية، والمعطيات الحكومية المفتوحة لدعم المشاركة.
  • الحوكمة: إن ترتيبات الحوكمة في المرحلة الثانية شبيهة بالترتيبات الواردة في المرحلة الأولى.
  • الرصد: يجب أن يستند الرصد في المرحلة الثانية إلى الرصد في المرحلة الأولى وأن يتضمن المؤشرات التالية:
     1- المؤشرات الكمية؛ ومنها عدد الزوار والمعجبين والمتابعين في وسائل التواصل الاجتماعي، وعدد الأفكار التي يقدمها - المواطنون، ونسبة المنشورات مقابل الملاحظات - ومعدل التصويت؛
     2- المؤشرات النوعية؛ ومنها ثقافة الإدارات الحكومية المتجهة نحو الانفتاح والرضا العام عن التفاعلات مع الحكومة.
- إنشاء أطر قانونية وتنظيمية: الدروس والتوجيهات
إن الإطار القانوني والتنظيمي للمرحلة الثانية شبيه بالإطار الوارد في المرحلة الأولى، ولكن ينبغي تعديله لتسهيل سياق سياسات واستراتيجيات المشاركة المبينة آنفًا. يوصَى إذن بأن تكون المرحلة الثانية متوقعة في تصميم الإطار القانوني والتنظيمي في المرحلة الأولى. وإضافة إلى حماية وأمن المعطيات - حيث ينبغي أن يُبرِزا سياسات واستراتيجيات المشاركة والمشاركة الإلكترونية هذه - فإن هذا القسم يتناول بعض القضايا المحددة الإضافية.
- إطلاق قنوات وسمات التقانة: الدروس والتوجيهات
يتبين من خلال التركيز على المرحلة الثانية أن تقانة المعلومات والاتصالات تُستعمل بدرجة مكثفة، ويتجه التركيز بوجه خاص نحو التواصل الاجتماعي وتطبيقات الوب، بحيث تكون الشبكة الدلالية مهمة، لأن وسائل التعبير هذه تسمح للمواطنين بالمشاركة التلقائية غير الرسمية.
- تحسين القدرات العامة: الدروس والتوجيهات
  • إعادة بناء مشاركة المواطنين من القاعدة: أثبتت التجربة أن معظم المواطنين يهتمون في المقام الأول بقضايا محددة لها تأثير أو تداعيات مباشرة على حياتهم الخاصة في المكان الذي يعيشون فيه، في حين أن بعضهم يهتم بالقضايا التي لها أهمية جغرافية على نطاق أوسع مثل تغير المناخ والهجرة والجريمة والظروف الاقتصادية. يجب استعمال هذه الاهتمامات لبناء مشاركة المواطنين في الأماكن العامة الوطنية أو المحلية من القاعدة إلى القمة.
  • محو الأمية الرقمية والسياسية والتشاركية الفعالة: قد لا يكون ممكنًا - في نهاية المطاف - التغلب على مشكلة "النخب" التي يمكن أن تسيطر على المجال السياسي كما كان الحال تاريخيًّا. ولن تؤدي تقانة المعلومات والاتصالات إلى تغيير هذا الوضع كليًّا، مع أن التجربة تثبت أنه إذا تم تطبيق التقانة بعناية، قد تؤدي في بعض الحالات إلى تخفيف حدة المشكلة. ينبغي أيضًا دعم محو الأمية التشاركية والرقمية والسياسية بشدة، والتي تعاني منها الفئات المستبعدة.
 
المرحلة الثالثة: استراتيجية التعاون العامة
 
- الأهداف العامة
تهدف استراتيجية الحكومة المفتوحة إلى زيادة التعاون بين الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية للتشارك في توفير الخدمات والاستراتيجيات والخطط المبتكرة. ويشكل ذلك في الأساس تبادلًا ثنائي الاتجاه للمعلومات والمعرفة والرأي بين الحكومة والمواطن (والجهات الفاعلة غير الحكومية الأخرى) والعكس صحيح، حيث إن كلًّا من الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية تكون ناشطة ومتفاعلة، ولتحقيق جزء كبير من هذه الخطوة يجب وضع المعطيات على شبكة الإنترنت، لجعلها مقروءة آليًّا وذات صيغة موحدة وذات معايير مفتوحة. 
- وضع السياسات والاستراتيجيات: الدروس والتوجيهات
في المرحلة الثالثة، يوصَى بطبيعة الحال بالتعاون، بحيث ينبغي مبدئيًّا لجميع الأنشطة الحكومية أن تفسح المجال أمام التعاون مع جميع الجهات الفاعلة الشرعية، وبحيث تأخذ الحكومة المبادرة مع السماح للآخرين بأخذ المبادرة. وفي حين أن الشفافية والمشاركة في المرحلتين الأولى والثانية توفر فرصًا محدودة تحددها الحكومة، فإن الخطوة التالية تتمثل في التعاون عن طريق السماح للجهات الفاعلة غير الحكومية من أن تبدي رأيها في القضايا التي تعتبرها مهمة. ويجب أن تحدد النصوص القانونية مدى التعاون. وفي المجتمعات التي تنتخب فيها الحكومات على النحو الواجب، يتعين على الحكومة تحديد هذا التعاون: هل يصب في المصلحة العام أم لا؟
- توفير أطر عمل مؤسسية: الدروس والتوجيهات
  • المؤسسات: على الحكومات وضع الترتيبات المؤسسية اللازمة لدعم التعاون، ويشمل ذلك توفير سلطة على مستوى المدن أو على المستوى الوطني لتسهيل وإدارة التعاون والتعاون الإلكتروني والمعطيات الحكومية المفتوحة.
  • الحوكمة: إن ترتيبات الحوكمة في المرحلة الثالثة شبيهة بالترتيبات الواردة في المرحلتين الأولى والثانية وتعتمد عليهما، ولكنها تصمَّم لتسهم في تسهيل سياسات واستراتيجيات التعاون والتعاون الإلكتروني المبينة آنفًا. يوصَى إذن بأن تكون قضايا المرحلة الثالثة متوقعة في تصميم المرحلة الأولى.
  • الرصد: ينبغي أن يستند الرصد في المرحلة الثالثة إلى رصد المرحلتين الأولى والثانية.
  • الثقة والشفافية وانفتاح المؤسسات أمور ضرورية للتعاون الإلكتروني: لا شك في أن ضمان وتعزيز الثقة والشفافية والانفتاح في أي نظام قائم على التعاون والديمقراطية يشكلان التحدي الأكبر. وثمة ارتباط وثيق بين الثقة والشفافية والانفتاح، ولا يمكن تحقيق ديمقراطية فعالة في ظل غياب الثقة في المؤسسات السياسية والمؤسسات القائمة على التعاون والتمثيل السياسي. ومن المعروف جيدًا أن الثقة في السياسات والمؤسسات الوطنية في العديد من بلدان العالم، ومنها الدول العربية، قد تراجعت في الماضي القريب، لاسيما في أعقاب ما سُمِّيَ بـ "الربيع العربي".
- إنشاء أطر عمل قانونية وتنظيمية: الدروس والتوجيهات
إن الإطار القانوني والتنظيمي للمرحلة الثالثة شبيه بالإطار الوارد في المرحلة الأولى ويستند إلى المرحلة الثانية، ولكن ينبغي تصميمه ليسهم في تسهيل سياسات واستراتيجيات التعاون والتعاون الإلكتروني المبينة آنفًا. ويوصَى إذن بأن تكون الاحتياجات في المرحلة الثالثة متوقعة في تصميم الإطار القانوني والتنظيمي في المرحلة الأولى، تكملها التطورات في المرحلة الثانية، إضافة إلى حماية وأمن المعطيات اللذين ينبغي أن يُبرِزا سياسات واستراتيجيات التعاون والتعاون الإلكتروني.
- تحسين القدرات الحكومية: الدروس والتوجيهات
  • تعزيز المجتمعات المهنية على كل المستويات: ينبغي تشجيع شبكات المجموعات المهنية المنظمة على استعمال أدوات الحوار وتبادل المعرفة عن طريق الإنترنت على جميع المستويات أكثر مما هي عليه في الوقت الحاضر.
  • مواجهة التحديات: تزداد التحديات والمخاطر المتعلقة بالتعاون الإلكتروني واتخاذ القرار عن طريق الوسائل الإلكترونية، ومن ثَم لا بد للحكومات من التنبُّه عليها ومحاولة التصدي لها لاسيما بواسطة التعاون الدولي.
- إطلاق قنوات وسمات التقانة: الدروس والتوجيهات
في التركيز على المرحلة الثالثة، يتزايد استعمال تقانة المعلومات والاتصالات نتيجة تحول الأنظار إلى وسائل التواصل الاجتماعي التعبيرية وتطبيقات الوب في المرحلة الثانية، والتي تركز على الأدوات والسمات القائمة على التعاون.
- تحسين القدرات العامة: الدروس والتوجيهات
  • إعادة بناء التعاون بين المواطنين انطلاقًا من القاعدة: إن إعادة بناء التعاون بين المواطنين شبيهة بالمرحلة الثانية، ولكنها طورت لمراعاة سياق التعاون الإلكتروني وصنع القرار بالاستعانة بالوسائل الإلكترونية.
  • محو الأمية الرقمية والسياسية والتشاركية الفعالة: التوجيهات الخاصة بمحو الأمية التشاركية والرقمية والسياسية شبيهة بالتوجيهات الواردة في المرحلة الثانية، ولكنها طورت لمراعاة سياق التعاون الإلكتروني وصنع القرار بالاستعانة بالوسائل الإلكترونية.
 
المرحلة الرابعة: استراتيجية الإشراك العامة
 
 
- الأهداف العامة
كما ذكر سابقًا، تقضي المرحلة الرابعة من استراتيجية الحكومة المفتوحة بالتحول نحو المشاركة الكاملة للجهات الفاعلة غير الحكومية في عمل الحكومة عن طريق المسؤولية المشتركة. إنه تبادل متعدد الجهات للمعلومات والمعارف والآراء بين الحكومة وجميع الجهات الفاعلة غير الحكومية الشرعية الأخرى، وبين الجهات الأخرى نفسها عندما يكون ذلك مشروعًا ويصب في المصلحة العام.
- وضع السياسات والاستراتيجيات: الدروس والتوجيهات
في المرحلة الرابعة، يوصى بطبيعة الحال بالإشراك في أكبر عدد ممكن من المجالات. ومن المهم - من حيث المبدأ - أن تنظر الحكومات في إتاحة مشاركة جميع الجهات الفاعلة المشروعة في جميع الأنشطة، سواء أكانت الحكومة هي التي تتولى زمام الأمور، أم تتيح للجهات الأخرى القيام بذلك.
- توفير أطر عمل مؤسسية: الدروس والتوجيهات
إن الأطر المؤسسية في المرحلة الرابعة شبيهة بالأطر الواردة في المراحل الأولى والثانية والثالثة، وتستند إليها. 
- إنشاء أطر عمل قانونية وتنظيمية: الدروس والتوجيهات
الأطر القانونية والتنظيمية في المرحلة الرابعة شبيهة بالأطر الواردة في المرحلة الأولى وتستند إلى الأطر الواردة في المرحلتين الثانية والثالثة. يوصَى إذن بأن يكون تصميم الأطر القانونية والتنظيمية في المرحلة الرابعة متوقعة في المرحلة الأولى، تكملها التطورات في المرحلتين الثانية والثالثة.
- تحسين القدرات الحكومية: الدروس والتوجيهات
إن الركائز الأساسية لبناء قدرات الموظفين الحكوميين في المرحلة الرابعة شبيهة بالركائز الواردة في المرحلة الأولى وتستند إلى المرحلتين الثانية والثالثة، ولكن ينبغي تصميمها لتسهم في تسهيل سياسات واستراتيجيات الإشراك والإشراك الإلكتروني المبينة آنفًا. يوصَى إذن بأن تكون الركائز الأساسية لبناء قدرات الموظفين الحكوميين في المرحلة الرابعة متوقعة في المرحلة الأولى، تكملها التطورات في المرحلتين الثانية والثالثة.
- إطلاق قنوات وسمات التقانة: الدروس والتوجيهات
في المرحلة الرابعة، تزداد الدعوة إلى تكثيف استعمال تقانة المعلومات والاتصالات مقارنة بالمرحلة الثالثة، وذلك بناء على التحول نحو التعبير بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي وتطبيقات الوب في المرحلة الثانية، مع التركيز على استعمال أدوات المشاركة والتعاون والسمات ذات الصلة المتناولة سابقًا في مجال أنشطة الإشراك.
- تحسين القدرات العامة: الدروس والتوجيهات
إن الركائز الأساسية لبناء القدرات العامة في المرحلة الرابعة شبيهة بالركائز الواردة في المرحلة الأولى وتستند إلى الركائز الواردة في المرحلتين الثانية والثالثة، ولكن ينبغي تصميمها لتسهم في تسهيل سياسات واستراتيجيات الإشراك والإشراك الإلكتروني المبينة آنفًا. يوصَى إذن بأن تكون الركائز الأساسية المتعلقة ببناء القدرات العامة في المرحلة الرابعة متوقعة في المرحلة الأولى، تكملها التطورات في المرحلتين الثانية والثالثة. وهكذا فإن بناء التعاون من جانب المواطنين من القاعدة إلى القمة، ودعم أنشطة محو الأمية التشاركية الرقمية والسياسية، ينبغي أن يُبرِزا سياسات واستراتيجيات الإشراك والإشراك الإلكتروني هذه.
 
قد ترغب كذلك بقراءة
الجوانب القانونية للحكومة المفتوحة
تطوير القدرات في المعطيات المفتوحة
منهجية "تقييم جاهزية المعطيات المفتوحة"
تعزيز الحكومة المفتوحة في البلدان العربية
البيانات المفتوحة: أداة إشراك المواطنين