ملف العدد
التحول الرقمي للشركات
العدد 158 | نيسان (أبريل)-2021

بقلم غيث أبو حسين
مهندس اتصالات

منذ بداية الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر والعالم يشهد تحولات وتطورات هائلة على الأصعدة المختلفة. وتطور وسائل الاتصال والتنقل جعل العالم أشبه بقرية صغيرة. هذه التغيرات المتسارعة كان لها أثر مهم في الشركات المختلفة. إذ كانت الشركات سابقًا تعتمد على التواصل المباشر بينها وبين الزبائن أو بينها وبين الموردين من أجل الحصول على المواد الأولية للإنتاج أو من أجل تمرير المنتج للزبون، ولكن في عصرنا الحالي لم تعد الوسائل السابقة تجدي نفعًا نظرًا إلى اتساع السوق والتزايد الكبير بأعداد الزبائن. وانطلاقًا من ذلك سعت الشركات إلى مواكبة التسارع الكبير في التطور التقني عن طريق تحديث آليات التعامل مع الزبائن والموردين وحتى الإجرائيات المتبعة مع الموظفين. يُعْرَف سعي الشركات هذا بما يسمى التحول الرقمي.
 
ما هو التحول الرقمي؟
يقصد بالتحول الرقمي للشركات بأنها مجموعة الإجرائيات والآليات المتبعة من أجل دمج التقنيات الرقمية في المجالات المختلفة كالأعمال والاقتصاد وغيرها؛ حيث إنها تهتم في المقام الأول بتغيير الطرائق المتبعة بالتعامل مع الزبائن وإيصال الخدمات أو المنتجات إليهم. هذه التغييرات تتطلب وسائل متقدمة وتنظيمًا دقيقًا بحيث تكون قادرة على مواكبة كل ما هو جديد والتأقلم مع الأخطاء التي يمكن مواجهتها.
إن التحول الرقمي لا يتمحور حول التقدم التقني فحسب، بل يتسع مفهومه ليشمل كلًّا من التقنية والأعمال وحتى اليد العاملة. ونجاح التحول الرقمي يتحقق من قدرة الشركة على توظيف المعطيات التي تُجمع من طريق التقنيات المختلفة (أو بدونها) بحيث تتأقلم استراتيجية العمل مع العوامل والظروف المختلفة.
 
 
أهمية التحول الرقمي للشركات
ثمة عدة أسباب يمكنها أن تضفي أهمية بالغة على التحول الرقمي للشركات، ولكن السبب الأساسي هو أن القضية هي قضية بقاء (survival issue)؛ وذلك لأن الشركات أصبحت بحاجة ملحة إلى التأقلم مع التغيرات المتسارعة لمتطلبات السوق التي أصبحت تفرض وجود إجرائيات أفضل للتواصل وتوزيع المنتجات. هذه الإجرائيات تتطلب سرعة في الاستجابة وقدرة أكبر على توفير الوقت وتقليل التكلفة.
ومع أن التحول الرقمي مهمٌّ جدًّا لنجاح الشركات في عصرنا الحالي، إلا أنه قد يسبب خطرًا كبيرًا إذا لم يُنجز على الوجه الأمثل.
 
التحول إلى شركة رقمية
كما أسلفنا سابقًا فإن الشركات الرقمية لا تعتمد في نجاحها على التقنية فحسب، بل ما يميزها هو امتلاك ثقافة التحول الرقمي إضافة إلى الاستراتيجيات وخطط العمل التي تجري دراستها وتطويرها مرارًا وتكرارًا؛ فالشركات الرقمية تسعى دومًا إلى تحديث أو خلق نماذج جديدة لأعمالها بحيث يكون الموظفون والزبائن في مركز اهتماماتها على الدوام. هناك العديد من المحاور التي يجب على الشركة أن تأخذها في الحسبان كي تتحول إلى شركة رقمية. أهم هذه العوامل: نماذج الأعمال الرقمية (ما يجب على الشركة أن تفعله)، والنماذج الرقمية لآليات العمل (كيف يمكن أن تحقق الشركة ما تريد أن تفعله)، وأخيرًا المهارات الرقمية (إلى مَن تحتاج الشركة لتحقيق النجاح).
1. نماذج الأعمال الرقمية (Digital business models)
معضلة الابتكار: إن الشركات التي تسعى إلى التحول الرقمي تواجه تحديين أساسيين؛ الأول: هو أن نموذج العمل الذي كان يخدم الشركة لعدة عقود لم يعد يفي بمتطلبات الشركة بسبب التقدم التقني الحاصل. والثاني: هو أن نموذج العمل الذي يفي بمتطلبات الشركة ينبغي أن يكون قادرًا على مواكبة التطورات التقنية المختلفة، وأن يُصمَّم بدقة لضمان استمرارية الشركة. وقد أحدث هذان التحديان ما يسمى بمعضلة الابتكار أو معضلة المبتكر (innovator’s dilemma) التي تطرَّق إليها قبل عشرين عامًا الكاتب كلايتون كريستينسن (Clayton Christensen). إن النموذج الجديد للشركة مهم بقدر أهمية الأرباح الخاصة بالشركة نفسها. فعلى سبيل المثال، قبل إطلاق نظامَي iPods وiTones في عام 2001 كانت شركة Nokia وSony تصنِّعان منتجات متشابهة، ولكن شركة Nokia اختارت عدم طرح هذه المنتجات خوفًا من تعطيل خطة العمل التي تسير عليها مما أدى إلى سقوط هذه الشركة أمام التقدم المتسارع في السوق.
 
 إن بناء هذا النموذج ليس بالأمر السهل، بل يوجد في الواقع العديد من العوامل التي تعيق بناء نموذج عمل جديد للشركة. أحد هذه العوائق هو خوف الشركة من تفكيك الأرباح (cannibalizing profits)؛ أي خسارة أرباحها في سبيل اعتماد نموذج عمل جديد والتخلي عن النموذج التقليدي السابق. ومن العوامل التي تسبب إعاقة في بناء النموذج الجديد هو أن الشركة تميل لامتلاك ثقافة تجنب المخاطر والتي تسعى إلى التركيز على الحاضر وإغفال المستقبل.
على الرغم من الصعوبات الكبيرة، إلا أن بعض الشركات تمكنت من إلغاء نموذج العمل التقليدي واعتماد نماذج أخرى. فعلى سبيل المثال، انتقلت شركة SAP من بيع تراخيص البرمجيات (software licenses) إلى عرض البرمجيات على شكل خدمات (SaaS). أما شركة Apple الشهيرة فقد قامت بخطوة خطرة وجريئة عندما قامت بطرح جهاز iPhone. وفيما يلي أمثلة واقعية عن شركات نجحت في الانتقال إلى نموذج عمل جديد.
عندما كانت قريبة من الإفلاس في حدود عام 2004، خضعت شركة Lego لعمليات إعادة هيكلة وتقليل عدد الأقسام العاملة لديها والاستعانة بأقسام غير مربحة مثل Lego computer games. قامت شركة Lego بتسليم إمكاناتها التصميمية للمهتمين والهواة ليتمكنوا من المشاركة في التصاميم. أحد هذه البرامج هو
 Lego Digital Designer. وهكذا قامت الشركة بإنشاء نموذج عمل جديد ساهم في بناء مشاريع عديدة كالأفلام وألعاب الفيديو.
 
كانت العائدات الخاصة بشركة Microsoft تعتمد أساسًا على أرباح بيع الحواسيب الشخصية والتراخيص الخاصة ببرمجياتها، ولكن ظهور نظم الهواتف المحمولة جعل النموذج الحالي خاضعًا لعدة تحديات وصعوبات. اعتمدت الشركة على نماذج إعلانات وقواعد اشتراك جديدة، وسعت إلى الدخول في عالم الهواتف النقالة وتركيز الاهتمام على تلك التقنيات.
 
إن نظم الاشتراك الخاصة بشركة HBO أصبحت في مواجهة تحديات حرجة خصوصًا مع انتشار النماذج الجديدة لنشر المحتوى في الإنترنت. للتغلب على التحديات الجديدة، قامت شركة HBO بإنشاء منصات النشر الخاصة بها كمنصة HBO GO وHBO NOW وأعطت التراخيص لمنصة Amazon Prime وغيرها من منصات العرض الأخرى.
 
في حدود عام 1990، تعرضت خطة العمل الرئيسية للشركة لضربة موجعة نتيجة تعرض نظامَي Unix وX86 لأزمات كبيرة. ونتيجة لذلك قامت الشركة بالاستغناء عن أكثر من 150,000 موظف. نتيجة لذلك انتقلت شركة IBM من كونها مورِّدةً للعتاديات إلى مجال التقانة والاستشارة في الأعمال، فساهم ذلك في رفع الحدود التشغيلية للشركة إضافة إلى رفع قيمتها السوقية.
الجدول التالي يلخص هذه التغيرات.
 
 
 
2. النماذج الرقمية لآليات العمل (Digital operating models)
ليس المعوَّل على نموذج العمل وحده، بل إن العديد من الشركات تحتاج إلى أن تغيِّر كيفية إيصال هذا النموذج، إضافة إلى إعادة اختبار كل جانب من جوانب العملية. وهذا يتضمن إدخال نموذج آلية عمل جديدة أو اعتماد تقنيات جديدة من أجل تعزيز الفعاليات الخاصة بآليات العمل. وقد قامت 90% من الشركات بإجراء ضبط على آليات العمل الخاصة بها. سنعرِّف فيما يلي نموذج آلية عمل يعطي وصفًا شاملًا للعلاقات بين الوظائف الخاصة بالأعمال، والإجرائيات والبنية اللازمة لتحقيق المهمة المطلوبة. ونشرح كيفية تفاعل الموظفين وفرق العمل.
 
ونظرًا إلى أن نموذج آليات العمل كان يعتمد في البداية على توصيف التقنيات التي يمكن استعمالها لتطبيق آلية العمل، فلا بدَّ من الحديث عن بعض أنواع التقانات التي تسهم في التحول الرقمي:
- الحساسات (Sensors): قد تكون أجهزة تحسُّس البيئة فعالة (sensing) أو غير فعالة (actuating). وتُربط بشبكات بقصد التفاعل مع الآلات أو البشر. ومن الجدير بالذكر أن أجهزة الاستشعار تصبح أصغر وأرخص جيلًا بعد جيل.
- الاتصالات القريبة المدى وبطاقات RFID: تتيح هذه التقنية تبادل المعطيات بالإشارات الراديوية. وقد أسهمت هذه البطاقات إسهامًا ملحوظًا في تقدُّم تطبيقات إنترنت الأشياء وتطبيقات التعقب والملاحقة.
- تقنيات الاتصالات بين الآلات: تساعد هذه التقنيات على تقليل التكلفة الناجمة عن عمليات الصيانة والتحكم.
- تقنيات الذكاء الصنعي وتعلم الآلة: تعتمد هذه التقنيات على تمكين الحواسيب من التعلم، وذلك بتزويدها بقواعد معطيات (datasets) مناسبة، ومن ثَم تنفيذ المهام الخاصة بالتصنيف (classification).
بعد الحديث عن التقنيات المعتمَدة في بناء نموذج آليات العمل، ننتقل إلى الحديث عن الإمكانات الرقمية التي تسهم في تكوين النموذج والتي تسمى إمكانات "اللانَدَم" الرقمية “No regret” digital capabilities.
 
3. إمكانات "اللانَدَم" الرقمية
1.تحسُّس وتفسير الاضطرابات: يجب توسيع الآفاق خارج حدود الصناعة المتخصصة فيها الشركة والفصل بين العالم المادي والعالم الرقمي.
2.تسريع تطوير الأفكار وإطلاقها: محاولة حل المشكلات الخاصة بالزبون بدلًا من ابتكار منتجات جديدة، وتطوير منصات لإجراء التجارب بسرعة أكبر وتكلفة أقل.
3.فهم المعطيات والاستفادة منها: تشكيل فريق عمل خاص بتحليل المعطيات ومحاولة معالجة المعطيات الكبيرة لاستخلاص أنواع أخرى من المعطيات.
4.المشاركة والاستثمار في جميع الأنشطة غير الأساسية: من أهم الخصائص التي تميز قادة المشاريع الرقمية أنهم يمتلكون فهمًا حدسيًّا بأن الرحلة لا تقتصر على طريق واحد فقط.
5.التنظيم لزيادة السرعة: إن تنظيم العمل بين الموظفين وبناء جدول زمني مناسب يساعد على زيادة السرعة الخاصة بتنجيز العمل.
6.تصميم وبناء تجربة ممتعة للزبون: إن التجربة الخاصة بالزبون هي التي تقود إلى بنية تقانة معلومات مناسبة وليس بالعكس.
 
فيما يلي خمسة نماذج لآليات العمل:
تمحور حول العملاء (Customer-centric): يعتمد هذا النموذج على تسهيل التعامل مع الزبائن وتعزيز الإجرائيات التي تعتمد على خدمتهم، وذلك باعتماد ثقافة وضع الزبون أولًا. يقاس نجاح هذا النموذج بارتفاع صافي ربح الترويج (net promoter score NPS).
 
النموذج المقتصد (Extra-frugal): يعتمد هذا النموذج على ثقافة "الأقل يعني الكثير" “less is more” مع بنية تنظيمية موحدة، عن طريق أمثَلة الإجرائيات الخاصة بالتصنيع والدعم والتخزين. حيث تقدَّم خدمات بجودة عالية وبأقل التكاليف. ومن أفضل الأمثلة على هذا النموذج مصنع ميشلان Michelin للإطارات.
 
النموذج المدعوم بالمعطيات (Data-powered): وُضعت الأفكار الخاصة بهذا النموذج بالاستفادة من تعاليم عالم الإدارة النظرية إدوارد ديمينغ (W. Edwards Deming). يعتمد هذا النموذج على البراعة الفائقة في تحليل المعطيات. وقد اعتمدته شركة Google وNetflix. يقوم هذا النموذج على بنية hub-and-spoke، وهو يقيس النجاح اعتمادًا على عائد الاستثمار.
نموذج Skynet: سُمِّي باسم الذكاء الصنعي المقدَّم في فيلم الخيال العلمي Terminator. يعتمد هذا النموذج على الاستفادة القصوى من الآلات لزيادة الإنتاجية والمرونة في الإنتاج. وقد اعتمدته شركة Amazon وTinto. يعتمد النموذج على ثقافة الأتمتة المقودة بواسطة مهندس، وهو مناسب جدًّا في عمليات التصنيع. مؤشر النجاح الخاص بهذا النموذج هو نسبة عدد الموظفين بدوام كامل إلى نسبة الإيرادات.
 
النموذج الفتوح السائل Open and liquid: يتطلع هذا النموذج لإقامة بيئة مناسبة لدعم اقتراحات العملاء. يبنى هذا النوع من النماذج حول العملاء المشتركين، ويتميز بوجود حوار مستمر مع العالم الخارجي. من الشركات التي اعتمدت هذا النموذج شركة Facebook وPayPal. المقياس الرئيسي للنجاح هو NPS كما في نموذج تمحور العملاء.
فيما يلي مثال على شركة - هي شركة Xiaomi - نجحت تجربتها الخاصة بتطبيق نموذج آليات عمل، حيث ركزت هذه الشركة على أجهزة الهواتف النقالة الذكية المنخفضة التكلفة، فباعت بحلول عام 2014 أكثر من 61 مليون هاتف محقِّقةً بذلك ربحًا وصل إلى 14 مليار دولار. تروِّج الشركة لثقافة ريادة الأعمال وتعزيز وجود بيئة مشابهة للأسرة، مركزةً على التعاون والتشبُّع. تتكون هيكلية شركة Xiaomi من مؤسسيها الأساسيين ورؤساء الأقسام ونحو 4,300 موظف مع التركيز الشديد على الأداء والجودة. تتعامل الشركة مع العملاء بطريقة غير رسمية، وذلك بإشراك المعجبين في المناقشات المتعلقة بتصميم وتطوير المنتجات والعروض الترويجية. ونتيجةً لهذا النهج المتَّبع زادت مساهمات الجمهور؛ فقد قام المطورون الهواة بتطوير 22 لغة من أصل 25 لنظم iOS، على جين أن الشركة نفسها لم تطوِّر سوى 3 لغات فقط. وكان على الموظفين قضاء 30 دقيقة يوميًّا للتفاعل مع الزبائن. وكذلك طوَّرت الشركة منصةَ تواصل ندٍّ لند peer-to-peer لخدمة الزبائن. وقد بلغت عائدات شركة Xiaomi باتباعها هذا النموذج 45 مليار دولار.
 
المواهب الرقمية والمهارات الجديدة (Digital talent and new skills)
نتحدث في هذا المقطع عن كيفية جذب المؤسسات للمواهب المناسبة والاحتفاظ بها وتنميتها من طريق تحسين ثقافة الشركة وتقديم الحوافز المناسبة في العصر الرقمي، وعن تكيُّف الشركات مع طرائق العمل المختلفة، وتوفير الأطر والتوصيات الاستراتيجية لدمج الروبوتات أو العمال عند الطلب بنجاح في أعمالهم. 
 
ثمة عاملان مؤثران في الاقتصاد الرقمي؛ أولهما أن الشفافية أصبحت هي المبدأ السائد، حيث أصبح بإمكان المتقدمين للوظائف الآن الوصول إلى ثروة من المعلومات الداخلية ومراجعات الأشخاص الذين تقدموا للوظائف قبلهم. وثانيهما أن المنافسة اشتدت على المواهب، مع اتساع فجوة المهارات الرقمية. 
هذا وقد أحدثت الإنترنت ثورة في الشفافية؛ فقد قام موقع Glassdoor وحده بمراجعات لأكثر من 423,000 شركة. وأصبحت المنظمات الآن مسؤولة علنًا عن الطريقة التي تعمل بها، ومثلما أنك لا تأكل من مطعم ذي تقييمات سيئة، فإن الموظفين لا يرغبون في العمل في المؤسسات ذات التصنيف السيئ. حيث توصلت الأبحاث إلى أن "إرضاء الموظفين مرتبط بالعوائد الفائقة على المدى الطويل، وبالتقييم والربحية في البلدان ذات المرونة العالية في سوق العمل". وتسهم الشفافية والتواصل المفتوح في مكان العمل في تحسين الأداء من طريق تحسين الإبداع وإيجاد حلول سريعة للمشكلات. اكتشف البحث الذي أجرته شركة Clear Company أن الشركات ذات المستويات العالية من المشاركة والتواصل مع الموظفين كانت إنتاجياتها أعلى بنسبة 22٪ من أقرانها.
 
وفي الوقت نفسه، تجمع الشركات معلومات أكثر من أي وقت مضى عن القوى العاملة لديها؛ فشركة Humanyze مثلًا - وهي شركة تأسست في معهد ماساتشوستس للتقانة - اعتمدت هذه الديناميكية الجديدة، فقد اعتمدت نظامًا يستفيد من شارة الموظف الذكية لجمع المعلومات السلوكية للموظفين بهدف تحسين أداء الأعمال. تحتاج المؤسسات إلى تحديد مستوى الشفافية المناسب لأعمالها. يقترح إيثان بيرنشتاين “Ethan Bernstein” التخفيف من الشفافية بمناطق الخصوصية، مما يتيح للموظفين مساحة أوسع لإجراء تجارب محلية وعدم تشتيت انتباههم بمحاولات تجنب المراقبة من الإدارة.
 
وإضافة إلى الشفافية فإن القدرة على استعمال التقانة بفعالية سيجعلها مطلوبة أكثر فأكثر؛ إذ يُتوقع نموّ الوظائف الرقمية بنسبة 22% بحلول عام 2029. يوضح المثال الآتي أهمية امتلاك اليد العاملة ذات المهارة في مجال التحول الرقمي: فقد كانت شركة IBM بصدد تدريب نظام الحوسبة المعرفية Watson الخاص بها لتحليل أكثر من 30 مليار صورة طبية لمساعدة الأطباء على تشخيص أمراض مثل السرطان وأمراض القلب. ووفقًا لمارك سفينتي، نائب الرئيس لمشروع Watson: "إن ما يقرب من 90٪ من جميع المعطيات السريرية هي في الواقع صور أساسية. واليوم، قد يحتاج مختص الأشعة إلى إلقاء نظرة على ألف صورة لمعرفة الحجم والنمو والحركة". ولكن لو كان لدى مختصي الأشعة المهارات اللازمة لتسخير قوة التقانة بنجاح، فإن مشروع Watson سيعزز قدرتهم على إجراء التحليلات الدقيقة. ولكن بالطبع تبقى مهارات التعامل مع الآخرين مهمة بقدر المهارات التقنية؛ فمثلًا لا يمكن تخيل عالم تخبر فيه الآلة، وليس الطبيب، مريضًا بأنه مصاب بالسرطان. فحتى الآن لا يمكن الاستغناء عن المهارات البشرية.
أصبح توظيف الأشخاص ذوي المهارات الرقمية المناسبة ضرورة ملحة؛ ففي تقرير صادر عن شركة برايس ووترهاوس كوبرز، أشار 73٪ من الرؤساء التنفيذيين إلى أن نقص المهارات يُعدّ تهديدًا لأعمالهم، وقال 81٪ منهم إنهم يبحثون عن مزيج أوسع من المهارات عند التوظيف. يدفع التحول الرقمي بالفعل إلى إنشاء مجموعة من الأدوار الجديدة داخل المؤسسات، التي تتطلب مجموعة جديدة من المهارات، على النحو المبين فيما يلي:
 
وفي الختام، نستنتج أن التحول الرقمي وعلى الرغم من كونه وسيلة للحفاظ على بقاء الشركة وديمومتها في ظل التقدم التقني المتسارع، إلا أن تطبيقه على أرض الواقع يتطلب جهودًا كبيرة ودراسات معمقة ودقيقة، إضافة إلى التحلِّي بالشجاعة اللازمة في مواجهة التحديات والصعوبات التي تواجه تحقيق هذا التحول.
 
 
المراجع References
World Economic Forum. (2016, May). Digital Enterprise (No. 1). Bruce Weinelt.
https://reports.weforum.org/digital-transformation/wp-content/blogs.dir/94/mp/files/pages/files/digital-enterprise-narrative-final-january-2016.pdf
 
What is digital transformation? | The Enterprisers Project
 
A Digital Transformation Framework for Success - Salesforce.com
Digital Transformation - What it is and why it matters | SAS
Digital Transformation: What Is It and Why Does It Matter? - Salesforce EMEA Blog
قد ترغب كذلك بقراءة
التحول الرقمي في الصناعة
الركائز الأربعة للتحول الرقمي
عناصر التحول الرقمي
العميل الرقمي