ملف العدد
عناصر التحول الرقمي
العدد 158 | نيسان (أبريل)-2021

بقلم غسان سابا
مدير بحوث

 
يعرَّف التحول الرَّقْمي بأنه تسخير التقانة لتحسين أداء المؤسسات تحسينًا جذريًّا. وقد أصبح التحول الرقمي من المواضيع الساخنة التي تشغل بال الشركات على مستوى العالم أجمع. وضمن هذا السياق، نجد أن المديرين التنفيذيين في شتى مجالات الصناعة يستعملون الطرائقَ الرقمية: كالتحليل، والحركية، ووسائط التواصل الاجتماعي، والأجهزة الذكية المضمَّنة، إضافةً إلى تحسين الاستفادة من التقانات التقليدية؛ كنظم تخطيط الموارد المؤسَّسِيَّة Enterprise Resource Planning (ERP) لتطوير كلٍّ من العلاقة مع الزبون، والإجراءات الداخلية Internal processes، وعرض القيمة Value proposition. أما بقية المديرين التنفيذيين - الذين رأَوْا كيف عطَّلت التقاناتُ الرقميةُ الحديثةُ الوسائطَ التقليديةَ خلال العقد الأخير - فقد عرفوا أن عليهم الانتباه إلى التغييرات الحاصلة في الصناعات التي يعملون فيها.
 
ازداد مؤخرًا وعي المديرين التنفيذيين إلى قوة التقانات الرقمية ومدى تأثيرها في خلق ميزات تنافسية. لكن تبقى قضية التصرف على أساس هذا الوعي، التي تُعدُّ بمثابة التحدي. يتطلب التحولُ الرقمي أن تصبح الشركات خبيرةً رقميًّا Digital masters. وتسعى الخبرة الرقمية هذه إلى تعزيز مَقدرتين: المقدرة الرقمية التي تمكِّن الشركات من استعمال تقانات مبتكرة لتحسين عناصر الأعمال، والمقدرة القيادية، التي تمكِّن الشركات من تصور التغيير التنظيمي وقيادته بطريقة منهجية ومربحة في آنٍ معًا. وهاتان المقدرتان مجتمعتَيْن تمكِّنان الشركات من تحويل التقانة الرقمية إلى ميزات عملياتية.
 
تُعدُّ الخبرةُ الرقمية حاليًّا أشدَّ أهميةً من أي وقت مضى، وذلك لأن خطر التخلف عنها يزداد يومًا بعد يوم. وقد بدأت بعض الشركات خلال السنوات الماضية بالاستفادة من بعض التقانات الرقمية، لكنَّ التقدم الكبير الذي نشهده حاليًّا – والمتمثل بإنترنت الأشياء IoT، والذكاء الصنعي، والواقع الافتراضي والمعزز، وتقانات الجيل الخامس 5G – فتح بابًا جديدًا لخلق القيمة. وبما أن جائحة كورونا COVID-19 سرَّعت التحرك نحو النشاطات الرقمية، فقد استطاع الخبراء الرقميون توسيع الفجوة بين مقدراتهم ومقدرات منافسيهم.
 
فيما يلي ملخص للعناصر الأساسية المطلوبة لتحقيق التحول الرقمي:
 
 
تحويل تجربة الزبون Transforming the Customer Experience
إن رؤيةَ الأعمال التجارية من الخارج – أيْ من منظور الزبون – أمرٌ ضروري ومهم. وثمة ثلاثة عناصر لتحويل تجربة الزبون؛ هي: تصميم التجربة Experience design، والتحري عن الزبون Customer intelligence، والمشاركة العاطفية Emotional Engagement.
 
تصميم التجربة: أصبحت تجربة الزبون كساحة معركة حقيقية للعديد من الشركات والعلامات التجارية. ومع أنه من السهل معرفة التجارب الناجعة، غير أنه من الصعوبة بمكان تصميمها وتوصيلها. تهدف هذه العملية إلى استعمال أدوات وممارسات لتوليد فهم كامل عن سلوك الإنسان والقدرة على إبراز رؤى الزبائن عن طريق المراقبة الدقيقة والخبرة في الاستماع لهم والتجريب المستمر. يمكن تحقيق التجربة المستمرة بإعادة هندسة تجارب الزبون رقميًّا، وذلك بمكاملةِ تقانات المكتب الأمامي Front-office وإجراءاتها مع البنية التحتية للمكتب الخلفي Back-office في سبيل تزويد تجربةِ خدمةٍ غير منقطعة.
 
التحري عن الزبون: أصبحت عمليات مكاملةِ معطيات الزبائن ضمن مخازن معطيات وفهم سلوك الزبون – وهي الجهد الأول الذي تبذله الشركات في المراحل الأولى من التحول الرقمي – جزءًا مهمًّا من تجربة الزبون. 
والآن، وبعد أن بدأت تقانة التعلم الآلي Machine learning تفي بوعودها الأولية، فقد مكَّن التحري عن الزبون بالزمن الحقيقي من تحقيقِ تفاعلٍ شخصي مخصَّص، إضافة إلى أنه زوَّد تجارب الزبون المركزة بدقة واستباقية كالحالات التي يجري فيها اقتراح "أفضل عرضٍ ثانٍ" للزبون.
المشاركة العاطفية: لا يقلُّ التواصلُ العاطفي مع الزبائن أهميةً عن التقانة في خلق تجارب مقنعة لهم. لهذا السبب، تَستعمل الشركاتُ التقانةَ الرقمية لتشجيع وتمكين الزبون من المشاركة في الشركة عن طريق سلاسل القيمة الخاصة: يحدث ذلك ضمن مختبرات البحث والتطوير ومختبرات تطوير المنتجات (كشركة Starbucks’ Mystarbucksidea.com)، ومختبرات توليد المحتوى (من ملفات Linked Profiles)، ومختبرات الخدمات اللوجستية (UPS MyChoice)، وخدمات (iStockphoto inspector).
 
فلدى شركة Giffgaff مثلًا – وهي مشغِّل خلوي افتراضي في إنكلترا – نموذجُ أعمال مدعومٌ من مجتمع التواصل الاجتماعي المتمثل بالأعضاء (أي المشتركين). ومع أن عدد العاملين في الشركة أقل من 250 عامل، فليس لديها مركز اتصال Call center ولا قسم لخدمة الزبائن؛ فقد تم تعهيد Outsourcing خدمة الزبائن خارجيًّا عن طريق شبكة التواصل الاجتماعي التي تضم 3 ملايين عضو.
 
تحويل العمليات Transforming Operations
كما يعلم الجميع، تعتبر العمليات المدارة جيدًا ضرورية لتحويل الإيرادات إلى أرباح، لكننا نلاحظ حاليًّا قفزة متمثلة في تركيز التحول الرقمي على هذه المسألة؛ فقد أتاح التقدم في مجالات الحساسات، والحوسبة السحابية، والتعلم الآلي، وإنترنت الأشياء للشركات تحويلَ مقدراتهم التشغيلية. أضف إلى ذلك، أن قياديي الشركات أدركوا أن التميز التشغيلي يمكن أن يخرج من إطار كفاءة العمل في المكتب الخلفي ليصل إلى تمكين إشراك تجربة الزبائن وتعزيز نماذج الأعمال تمكينًا يمنع المنافسين من أن يحذوا حذوها. يحدث التحول التشغيلي هذا عن طريق ثلاثة عناصر للمقدرات الرقمية؛ وهي: أتمتة الإجراءات الأساسية Core process automation، والعمليات المترابطة والديناميكية Connected and dynamic operations، واتخاذ القرار المبني على المعطيات Data-driven decision making. 
 
أتمتة الإجراءات الأساسية: مع أن غالبية الشركات ما تزال تَستعمل مقارباتِ أتمتةٍ تقليدية - كاستعمال نظم تخطيط الموارد المؤسَّسِيَّة ERP، ونظم تنفيذ التصنيع Manufacturing execution systems، ونظم إدارة دورة حياة المنتج Product life cycle management systems - فإن مجموعة أخرى من الشركات عملت خارج هذا الإطار لإعادة اختراع العمليات التشغيلية رقميًّا. فمراكز توزيع شركة أمازون تسلِّم المخزون إلى العاملين بدلًا من إرسال العاملين لجمعه. أما شركة ريوتينتو Rio Tinto، وهي شركة تعدين أسترالية، فتستعمل الشاحنات trucks والقطارات وآليات الحفر المستقلة بغية تخصيص العاملين بمهام أقل خطورة، وهذا من شأنه الوصول إلى إنتاجية أعلى وأمان أكبر.
العمليات المترابطة والديناميكية: بعد توفر الحساسات المنخفضة التكلفة والبنية التحتية للحوسبة السحابية والتعلم الآلي، أصبحت مفاهيم الصناعة الرابعة Industry 4.0، والدفقات الرقمية Digital threads، والتوأمة الرقمية Digital twins واقعًا ملموسًا. فباتت آلات ربط الدفقات الرقمية والنماذج والإجراءات تزوِّد مصدرًا وحيدًا للحقيقة في سبيل إدارة وتحسين الإجراءات بدءًا من تعريف المتطلبات ومرورًا بالصيانة. 
اتخاذ القرار المبني على المعطيات: انتقل، في السنوات الأخيرة، أساس القرارات التشغيلية من مراجعة تقارير ذات نظرة تراجعية إلى معطيات الزمن الحقيقي؛ فالأجهزة المترابطة، وخوارزميات التعلم الآلي الحديثة، والتجريب الأكثر ذكاءً، ووفرة المعطيات تمكِّن جميعها من اتخاذ قرارات أكثر استنارة. انتشرت هذه المقدرات لتشمل القرارات الاستراتيجية أو تلك المتعلقة بالتسويق. فهنا، تستفيد الشركات الخبيرة رقميًّا من ذلك عن طريق مكاملةِ اتخاذ القرارات التشغيلية والاستراتيجية معًا وفق طرائق حديثة وقوية.
 
 
تحويل تجربة الموظف Transforming Employee Experience
أهم ما تَعَلَّمْنا من تجارب التحول الرقمي خلال العقد السابق هو حقيقة أن يكون الموظفون إما من أشد الممانعين وإما من أشد الممكِّنين لنجاح التحول. ووفقًا لذلك، بدأت الشركات بالتركيز على تجربة الموظف بقدر اهتمامها بتجربة الزبون. تصنَّف تجربة الموظف ضمن ثلاثة عناصر رئيسة: التعزيز Augmentation، والتأهب للمستقبَل Future-readying، والقوة المرنة Flexforcing.
 
التعزيز: لما شاع الحديث مؤخرًا عن استبدال الروبوتات بالبشر، بدأت الشركات البحث عن آلية تستطيع بموجبها الروبوتات وبقية التقانات الرقمية من تعزيز إنتاجية الموظفين وأدائهم، ومن ثَم يتمكَّن الأشخاص من العمل بسرعة أكبر وأشد ذكاء وأكثر أمنًا.
 
التأهب للمستقبَل: تسلِّط ديناميكية البيئة التنافسية الحالية الضوءَ على ضرورة تزويد الموظفين بالخبرات التي يحتاجون إليها لمواكبة وتيرة التغيير. وقد أدى هذا، في السنوات السابقة، إلى ظهور نماذج جديدة لإدارة التعلم والتطوير ضمن المؤسسات، كانت تجري عادةً تحت قيادة ما بات يعرف باسم مدير مسؤولي التعلُّم Chief Learning Officer (CLO)، والذي نطلق عليه لقب مدير التحول. يعيد هذا الأخير تشكيل قدرات الشركة وثقافتها عن طريق تجديد الأهداف التعليمية لمساعدة الموظفين في تنمية العقليات والقدرات في سبيل التحقيق الآني للأداء الجيد والتأقلم السلس في المستقبل، إضافةً إلى إعادة تشكيل طرائق التعلم لخلق تجارب تعلم تكون موجهة ومرقمنة ومخصصة، وإعادة تشكيل أقسام التعلم لجعلها أصغر حجمًا وأكثر مرونةً واستراتيجية. يضمن القياديون، عن طريق تحويل وظائف التعلم والتطوير، اكتساب الموظفين للمقدرات المطلوبة لاحتضان التقانة الرقيمة ودفع التحول في قطاع الأعمال. 
 
القوة المرنة: للاستجابة إلى الفرص الرقمية وتحدياتها المتسارعة، على الشركات أن تكون رشيقة ضمن نظم تحديد موارد المواهب الخاصة بها. قدَّم التعهيد الخارجي outsourcing، في العقد الأخير، إجابة جزئية عن هذا التحدي، لكن مع تحقيق نتائج مختلطة. وقد استُعملت أيضًا النظم الحيوية Ecosystems للشركاء للحصول على المواهب عند الحاجة، لكنَّ إدارة النظام الحيوي يتطلب استثمارًا كبيرًا في الموارد إضافةً إلى المزيد من الحرص. نرى اليوم شركات تبحث عن المواهب الرشيقة بطرائق جديدة.
 
وتولت الأتمتة وتطبيقات الذكاء الصنعي كذلك مهامَّ كان يؤديها البشر. لذلك، سعت بعض الشركات إلى توظيف عدد من الموظفين المتعددي الخبرات بغية جعل الشركة أكثر رشاقة. 
 
تحويل نماذج الأعمال Transforming Business Models
رغم الحديث المتزايد عن ضرورة تحويل نماذج الأعمال، إلا أننا وجدنا خلال السنوات السبع المنصرمة، أن 7% فقط من الشركات استعملت مبادرات رقمية لإطلاق أعمال جديدة، على حين أن 15% من الشركات كانت تستفيد من التقانات الرقمية لخلق نماذج أعمال جديدة. أما الآن، فينظر المديرون التنفيذيون بعين الجدية إلى كيفية توظيف البراعة الرقمية في إيجاد نماذج أعمال مبتكرة. أما العناصر الداعمة لتحويل نماذج الأعمال، فهي: التعزيزات الرقمية Digital enhancements، وملحقات الخدمات المعتمدة على المعلومات information-based service extensions، والمنصات المتعددة الجوانب Multisided platforms.
 
التعزيزات الرقمية: لا يتطلب التحول في نماذج الأعمال إلى تعطيل الشركة أو الصناعة دائمًا. فبشكل متزايد، تجد الشركات طرائق لتعزيز نماذج الأعمال رقميًّا دون الحاجة إلى إجراء تغييرات كبيرة في الأعمال. فعلى سبيل المثال، يربط حاليًّا 80% من تجار التجزئة التقليديين في إنكلترا القنواتِ الرقميةَ والفيزيائيةَ بالاستفادة من خدمات "انقر واجمع Click-and-collect".
 
ملحقات الخدمات المعتمِدة على المعلومات: توسِّع الشركاتُ باطِّراد نماذجَ الأعمال المتعلقة بالسلع مع الخدمات المعتمدة على المعلومات، ومع أجهزة الحساسات، وشبكات الاتصال، والتطبيقات، وإمكانات التحليل في سبيل خلق قيمة للمستهلكين وخلق موارد إيرادات جديدة لها. يتطلب ذلك القدرةَ على إجراء تحليل متقدم، وتصميمًا للخدمات من نوع نهاية لنهاية، وتكاملًا قويًّا مع تجهيزات المستهلك والعمليات التجارية.
 
لقد ربطت شركة تصنيع الإطارات العالمية ميشلان منتجاتها باستعمال حساسات مضمَّنة قادرة على جمع ونقل معطيات مهمة تتعلق بالاستعمال، والمسافة، ومتطلبات الصيانة. فباتت حلولها التجارية سريعة Fleet تزود المستهلكين بخدمات شاملة ومناسبة لإدارة الإطارات قادرة على تحقيق تحكُّم أكبر في الأسعار، وتخفيض عدد الأعطال، وتقليل الأعمال الإدارية. وانتقلت الشركة إلى نموذج أعمال قائم على النتائج Outcome-based Business model، عن طريق بيع مسافة محسوبة بالكيلومترات وخالية من المشاكل عوضًا عن بيع الإطارات. هذا الاعتماد على البيع باعتباره خدمةً as-a-service بدلًا من اعتباره سلعةً بات منتشرًا في جميع الصناعات وبات مفروضًا فيما يخص القطع الكبيرة الباهظة التكلفة كعنفات الطاقة ومحركات الطائرات.
 
المنصات المتعددة الجوانب: عطَّلت المنصاتُ المتعددة الجوانب مجموعةً من الصناعات؛ مثل: خدمات سيارات الأجرة، والضيافة، وبيع التجزئة، وما زالت تنتشر باضطراد. ففي عام 2018 على سبيل المثال، أطلق موزعُ الصُّلب والمعادن الألماني كلوكنر Klockner منصةَ XOM، وهي منصةٌ ذات ملكية خاصة متوفرة في الإنترنت لتوزيع منتجاته. إضافة إلى ذلك، دعت الشركة منافسيها إلى الانضمام إلى المنصة. فأدى ذلك إلى تمركز منصة كلوكنر بصفتها سوقًا رقميةً مستقلةً لأي شخص يريد أن يشتري أو يبيع الصُّلب، أو المعادن، أو أيَّ منتج صناعي آخر. إضافةً إلى كلِّ ما سبق، ولضمان نفاذ المنافسين إلى المنصة نفاذًا عادلًا وشفافًا، تعمل منصة XOM على نحوٍ مستقل عن الأعمال الأساسية core business.
 
 
تحويل المنصة الرقمية Transforming the Digital Platform
إن أساس التحول الرقمي هو منصة رقمية نظيفة ذات هيكلية جيدة – من جهة التقانة والتطبيقات والمعطيات التي تدعم العمليات التجارية للشركة – لا يمكن لأي من العناصر الرقمية الأخرى تحقيق وعودها الكاملة من دونها.
 
لقد جعل التقدم الحاصل في التقانة والمنهجية في السنوات الأخيرة التحدي المتمثل في بناء منصة رقمية صُلبة أسهلَ وأشدَّ متانةً في الوقت نفسه. فقد مكَّنت الحوسبة السحابية، وأساليب التطوير الرشيقة Agile development methods، ومكتبات الترميز الخارجية external code libraries، وأدوات التطوير السهلة الاستعمال = مكَّنت المطورين من بناء وظائف جديدة بسرعة، لكنْ يمكن، في الوقت نفسه، أن تؤدي إلى انتشار تناقضات وتشابكات تقنية معقدة. على الجانب الآخر، تسهّل كلٌّ من: Agile، وGitHub، وDevOps، وتقانات الحاويات Containers والخدمات الصغرية microservices عمليةَ تنسيق التغييرات، وتسريع الابتكار، وتوفير الأمان، وزيادة الذكاء؛ كلُّ ذلك في سبيل تجنب إعادة اختراع العجلات من جديد. هذا وإن للمنصة الرقمية ثلاثة عناصر مترابطة فيما بينها - لكنها منفصلة في الوقت نفسه - تعمل معًا لتقوية الشركة.
 
العنصر الأول هو المنصة الأساسية core platform: وهو أساس متين لنظم تشغيل المعاملات (نظم المكتب الخلفي، ونظم السجلات، وغيرها) التي تدعم العمليات الأساسية للشركة. يجب أن تكون المنصة الأساسية – وهي العمود الفقري التقاني للشركة – مهيكلة ومدارة جيدًا، ويجب ألا تكون شديدةَ التعقيد.
 
العنصر الثاني هو منصة خارجية رشيقة Agile externally facing platform لدعم مواقع الوب، والتطبيقات، والعمليات الأخرى المرتبطة بالزبائن وبشركاء المنظومة الحيوية. هذه المنصة هي أكثر من واجهة أمامية جميلة؛ فهي تحتاج إلى أن تعمل مع المنصة الأساسية لتأدية المعاملات الرئيسة كالدفع، وتقدم منصة جذابة ورشيقة لتحقيق التجارب المواجهة للزبون customer-facing experiences وتقديم تجارب شخصية Personalized experiences.
 
العنصر الثالث هو منصة معطيات تمكِّن من تأدية تحاليل مكثفة: إضافةً إلى بناء واختبار الخوارزميات، دون تعطيل عمل الشركة أو التدخل في عملياتها. وقد شهدنا في السنوات الأخيرة زيادة هائلة في الخوارزميات التي تَستعمل المعطيات غير المهيكلة unstructured data – كالنصوص والصور والصوت – لتحسين تجربة الزبائن أو تحسين العمليات الداخلية، فمكَّن ذلك من جعل منصات المعطيات مكونًا رئيسًا في الابتكار الرقمي.
 
إضافةً إلى هذه التقانة والعناصر البنيوية، شهدنا الاعتراف بأهمية وظيفة تقانة المعلومات IT Function في جعل التحول الرقمي حقيقةً ناجحة. فالموجات الأولى من التحول الرقمي، لم تَعتبر التقانةَ المعلوماتية شريكًا، فأدى ذلك إلى الإخفاق. أما الآن، فمديرو تقانة المعلومات هم الذين يقودون التحول الرقمي في بعض الشركات، وفي بعضها الآخر، يعمل مديرو كلٍّ من تقانة المعلومات والتقانات الرقمية والأعمال جنبًا إلى جنب لجعل عملية التحول الرقمي أسرع وأكثر ابتكارًا وشمولًا وأكثر كفاءة من ذي قبل.
لقد ازداد مؤخرًا ظهور موضوع التحول الرقمي على جدول أعمال الشركات، وكذلك فإن الدافع للحفاظ على العمليات التشغيلية التي عطَّلتها جائحة كورونا "كوفيد 19" جعلها في مقدمة أولوياتها. ومع أن الشركات تحتاج إلى العمل بسرعة لتجاوز تداعيات هذه الجائحة، فإن قياديي هذه الشركات يحتاجون في الوقت نفسه إلى رؤية أعمق وفهم أوسع؛ فهم يحتاجون إلى أن يأخذوا في الحسبان كيف يمكن استعمال التقانات الرقمية ليس لتحسين المنتجات والعمليات فقط وإنما أيضًا لتطوير عملياتهم التجارية.
قدمنا في هذا المقال مجموعة من العناصر والأمثلة التي تفيد المديرين التنفيذيين في تعرُّف الفرص التي من شأنها زيادة المقدرات الرقمية لشركاتهم. فالمقدرات الرقمية هذه والمقدرات القيادية لتصور وقيادة التغيير التنظيمي هما المكونان الأساسيان لمواجهة تحدي التحول الرقمي.
 
قد ترغب كذلك بقراءة
التحول الرقمي في الصناعة
التحول الرقمي للشركات
الركائز الأربعة للتحول الرقمي
العميل الرقمي