دراسات وأبحاث
وحدة التحكم والكمبيوتر في السيارة
العدد 161 | كانون اﻷول (ديسمبر)-2021

بقلم علي كاظم
باحث ومدرّس في المعهد العالي للعلوم التطبيقية والتكنولوجيا


تطورت صناعة السيارات في السنوات الأخيرة تطوُّرًا مذهلًا، وحقَّقت وحدة التحكم الإلكترونية (electronic control unit) ECU قفزةً نوعية في عالم السيارات؛ فقد جعلت هذه الوحدةُ (أو صندوق الحاسوب) العربةَ أكثر كفاءة وأمانًا من أي وقت مضى؛ فهي عقل السيارة، والمسؤولة فعليًّا عن مهامِّها، وتتفقد عمل السيارة بطريقةٍ مثالية طوال الوقت.
 

الشكل 1 أنظمة المراقبة والتحكم في السيارة

مبدأ عمل وحدة التحكم بالمركبات
كان السائقون خلال العصر الميكانيكي للسيارات يستعينون بمفكات البراغي ومفاتيح الربط لصيانة سياراتهم، وذلك لأن الحساسات الإلكترونية لم تكن موجودة آنئذٍ، ولم تُستعمل الأجهزة الإلكترونية ولا الحواسيب للتحكم في عمل المركبة، بل كانت وظائف السيارة المختلفة تعتمد على المحرك الميكانيكي والتلامس الكهربائي وخراطيم التفريغ والجُمل الهيدروليكية وغيرها لإنجاز عملها. وفي عام 1978 أَدخلت جنرال موتور أول نظام إلكتروني إلى السيارة، التي أُطلق عليها اسم وحدة التحكم الإلكترونية بالمحرك ECU . تتحكم هذه الوحدة في النظم الكهربائية والميكانيكية الموجودة في السيارة باستعمال متحِّكمٍ متطوِّر موصول بكافة الحساسات المزروعة ضمن جسم السيارة، وتتواصل مع وحدات التحكم الإلكترونية في المركبات الأخرى ومع المحطات المنتشرة على جانبي الطريق، وتتواصل أيضًا مع السحابة في السيارات الأكثر تقدمًا، مستعمِلةً في ذلك تقنية Vehicle-to-Everything (V2X) مركبة لكل شيء، وتقنية مركبة لمركبة Vehicle-to- Vehicle (V2V).


وعندما صُنِّعت وحدات التحكم بادئ الأمر، كانت مسؤولةً عن التحكم في تغذية المحرك فقط، ولذا أُطلق عليها وحدة التحكم بالمحرك. وبمرور الوقت، تطورت مهمة هذه الوحدة إلى نظام إلكتروني يمكنه التحكم في كافة نظم السيارة؛ مثل: مجموعة نقل الحركة، والمكابح، والمقاعد، والإنارة، والأبواب وما إلى ذلك.
 

في المركبات الحديثة، لا يزال مبدأ العمل الأساسي لتشغيل المحرك يعتمد على الاحتراق، والفرق الوحيد هو أن التحكم في العملية أصبح بواسطة وحدة التحكم الإلكترونية؛ حيث تتحكم هذه الوحدة في المحرك عن طريق فتح وإغلاق الصِّمَام، أي عن طريق أخذ المعطيات الواردة من دواسة السيارة. ووحدة التحكم الإلكترونية في المحرك مسؤولة أيضًا عن آلية حقن الوقود وإشعال الشرارة بطريقة متزامنة ودقيقة، مما يقلِّل من استهلاك الطاقة ويزيد من كفاءة محرك المركبة.
 

تطوُّر وحدة التحكم
لقد مهَّد التحولُ النموذجي للسيارة - من نظام ميكانيكي إلى نظام إلكتروني - الطريقَ إلى السيارات الذاتية الحركة، ولم يعد الأمر ضربًا من الخيال، بل أصبح حقيقة واقعية، وذلك بفضل العديد من الحساسات التي ركِّبت في السيارة، والخوارزميات و شبكات الاتصال المتطورة. ومن ذلك استعمال وحدة الكشف وقياس البعد Lidar  Light Detection and Ranging للأجسام المحيطة بالمركبة، سواء منها المتحركة أو الثابتة. يبيِّن الشكل  2 مراحل تطور هذه الوحدة.

 

الشكل 2 مراحل تطور هذه الوحدة

وكذلك أعلن بعض مصممي السيارات عن طموحاتهم لتقليل معدل الوَفَيَات بسبب حوادث السيارات إلى الصفر؛ لذا كان التخفيف من تشتُّت انتباه السائق - لضمان سلامته وسلامة المشاة - على رأس أولويات مصنِّعي المعدات الأصلية للسيارات والجهات الحكومية، حيث شهدت وحدات التحكم الإلكترونية في السيارات تطورًا مهمًّا جنبًا إلى جنب مع خوارزميات معالجة الصور وأجهزة الاستشعار والكَمِرات والعديد من نظم مساعدة السائق المتقدمة (ADAS) مثل: التحكم التكيفي في السرعة، واكتشاف نعاس السائق، والتحذير عند الانحراف عن المسار، والتنبيه على الاصطدام الأمامي، واكتشاف المشاة في محيط السيارة... إلخ


في العقد الماضي، ومع ظهور الهواتف المحمولة، أصبح من المناسب لصانعي السيارات إدخال نظم الاتصال والمزيد من الإلكترونيات إلى داخل السيارة، وتمكنت الشركات المصنعة للمركبات من الاستجابة لهذه المتطلبات؛ فقد عملت وحدات البحث والتطوير على تعزيز البنية التحتية داخل السيارة لتدعم وحدات التحكم الإلكترونية وشبكات الاتصال داخل السيارة (FlexRay BUS) ونظم الوسائط المتعددة المعلوماتية والترفيهية و HUD (Head-up Display) (شاشة العرض الأمامية)، مستجيبة بذلك لرغبات الجيل المهووس بالأجهزة الذكية، والاتصال بالوب، ووسائل التواصل الاجتماعي... فتحولت السيارة من مجرد وسيلة نقل إلى جهاز إلكتروني ذكي أيضًا.


يبيِّن الشكل 3 تزايد نسبة التكلفة الإلكترونية إلى التكلفة الكلية للسيارة، حيث ازدادت هذه النسبة - على مدار ثلاث عقود - من 10% عام 1980 إلى 35% عام 2020، ويتوقع أن تصل إلى 50% عام 2030 بعد إدخال منظومات تحكم جديدة ووسائل اتصال أكثر تطوراً.
 


الشكل 3 نسبة التكلفة الإلكترونية إلى التكلفة الكلية للسيارة


أما المحركات، فقد انتقلت من طور التحكم الميكانيكي التقليدي إلى التحكم بواسطة الحاسوب؛ فتولى نظامٌ مؤتمتٌ مهامَّ عملها؛ كنظام حقن الوقود الإلكتروني Electronic Fuel Injection (EFI) ، حيث يتطلب المحرك نظامًا مؤهلًا وماهرًا لضبطه والحفاظ عليه وجعله يعمل بطريقة مثلى.


اكتشاف أعطال السيارات
أدت التطبيقات المتتالية لوحدة التحكم جنبًا إلى جنب مع تطبيقات Telematics إلى تطور خدمة ما بعد البيع والتشخيص من بُعد ودعم خدمة الصيانة. حيث تقوم وحدة التحكم بتحليل المعطيات الواردة من الحساسات للكشف عن أعطال السيارة (إن وجدت)، أو المتوقعة، بغية القيام بالإصلاحات اللازمة لتلافي وقوع العطل، مما قد يجنِّب كارثة، ويسهم قي تخفيف نسبة الحوادث وزيادة الأمان ورفع مستوى كفاءة المحرك.


الخطوة الأولى في كشف الأعطال هو ترميز الأعطال المختلفة، وبهذا تستطيع وحدة التحكم تخزين رموز هذه الأعطال ضمن ذواكرها. تُرمَّز هذه الأعطال بأحد الأحرف P,B,C,U يليه أربعة أرقام تبين نوع العطل. في الشكل 4 مثال على الترميز.

الشكل 4 نموذج من ترميز اعطال السيارة


قد يحصُل أحيانًا أن تتعطل وحدة التحكم نفسها، ويمكن أن نتبيَّن ذلك من ازدياد استهلاك الوقود، أو عدم توازن السيارة أثناء الحركة، أو خطأ في استجابة السيارة للأوامر... إلخ. أما إذا حصل عطب في وحدة التحكم فلن تستجيب السيارة لأي أمر يُعطى لها.

قد ترغب كذلك بقراءة
السيارات الهجينة
السيارات ذاتية الحركة
نمذجة ومحاكاة حركة السيارات والتحكم فيها باستعمال Matlab/Simulink
الحواسيب وصناعة السيارات
استعمال تقانات التعلم الآلي لتوفير اتصالات آمنة للمركبات في إنترنت المركبات
كيف يمكن أن يسهم الذكاء الصنعي في تطوير السيارات الذاتية القيادة
أتمتة المركبات
التطبيقات المساعدة في إدارة موارد المؤسسة