ملف العدد
الحوسبة الإدراكية، ميزات ومستقبل واعد
العدد 150 | كانون اﻷول (ديسمبر)-2019

بقلم محمود الياس
محاضر ومدير مشاريع برمجية

الحوسبة الإدراكيّة Cognitive Computing هي مزيج مبتكر من العلوم الإنسانية وتقنيّات الحاسوب بشقيها الصُّلب والبرمجي. فهو يشمل العلم الإدراكي الذي يُعنى بدراسة الدماغ البشري وكيفية عمله، إضافة إلى أكثر تقنيات الحاسوب أهمية في هذا المجال، كالذكاء الصنعي Artificial Intelligence، ومعالجة اللغات الطبيعية Natural Language Processing - NLP، ومعالجة الإشارة Signal Processing.

لذلك، فإن هدف الحوسبة الإدراكية هو محاكاة عمليات التفكير البشري في نموذج حاسوبي خاص باستعمال خوارزميات التعلم الذاتي. والأهم من ذلك، استعمال التنقيب عن المعطيات، وتعرُّف الكلام والرؤية، وتعرُّف الحوار، وتعرُّف الأنماط، وتعلُّم الآلة، ومعالجة اللغات الطبيعية. هذه المحاكاة لها آثار بعيدة المدى في حياتنا الخاصة، وفي الرعاية الصحية، والأعمال التجارية، وغيرها الكثير.

الشكل 1 المكوّنات العامّة للحوسبة الإدراكيّة

تطوّر الحوسبة الإدراكيّة

كان الذكاء الصنعي هدفًا بعيد المنال للحوسبة منذ تصميم الحاسوب، ولكن ربما أصبحنا نقترب أكثر من أي وقت مضى من هذا الهدف بفضل نماذج الحوسبة الإدراكية الجديدة. ومع أن أجهزة الحاسوب كانت أسرع في إجراء العمليات الحسابية والمعالجة من البشر لعقود من الزمن، إلا أنها لم تتمكن من إنجاز المهام التي يعتبرها البشر أمرًا بسيطًا، مثل فهم اللغة الطبيعية، أو تعرُّف الكائنات الفريدة في صورة ما.

بدأت دراسة الذكاء الصنعي تتفوق حقًّا خلال ثمانينيات القرن الماضي عندما بدأ تطوير تقنيات جديدة في تعلُّم الآلة والذكاء الصنعي. ثم في عام 1996، أبدعت شركة IBM حاسبها Deep Blue[i] الذي فاز على غاري كاسباروف، بطل العالم الحالي في الشطرنج. بعد ذلك تتالت الأعمال في مجال تعلّم الآلة Machine learning والتعلّم العميق Deep learning، كمشروع ImageNet لشركة مايكروسوفت عام 2007 وGoogle Brain في 2009 ونظام IBM Watson الذي يستطيع الإجابة على أسئلة مطروحة بلغة طبيعية، والذي تفوّق على أشهر اثنين من الفائزين في برنامج مسابقات شهير عام 2011، فكان مثالًا جيدًا عمّا يمكن أن تقدّمه الحوسبة الإدراكية، ثم ظهرت مجموعة أخرى من المشاريع مثل: DeepMind، و AlphaGo، و AlphaZero، و AutoML، وغيرها.

 

تطبيقات الحوسبة الإدراكيّة

الحوسبة الإدراكيّة مزيج من عدّة تقنيات غاية في الأهميّة. وهي تحاول الاستفادة من هذه التقنيات على أفضل وجه. من هذه التقنيات:

·  تعلّم الآلة Machine Learning

·  التعلم العميق Deep Learning

·  التنقيب عن المعطيات Data Mining

·  الاستنتاج Reasoning

·  الذكاء العاطفي Emotional Intelligence

·  معالجة اللغة الطبيعية Natural Language Processing

·  معالجة الكلام Speech Processing

·  الرؤية الحاسوبية Computer Vision

·  تفاعل الإنسان والحاسوب Human Computer Interaction

·  توليد الحوار والسرد Dialog and Narrative Generation

·  تحليل المشاعر Sentiment Analysis

ولكلٍّ منها مجال واسع ومنفصل للدراسة، وهذا ما يجعل تطبيقات الحوسبة الإدراكية رائعة للعمل عليها.

 

الشكل 2 الفرق بين الشبكات العصبونية البسيطة والشبكة العصبونيّة للتعلّم العميق

 

تتعامل الحوسبة الإدراكيّة مع نشاط دقيق جدًّا ذي طبيعة روتينية لمجموعة معقدة من المهام التي تتضمن التفكير المنطقي. وسنلقي الضوء فيما يلي على بعض هذه التطبيقات، وسنترك التفصيل في بعضها الآخر لمقالات أخرى في هذا العدد.

1-            مساعد الدردشة Chatbot

مساعد الدردشة برنامج يمكنه محاكاة محادثة بشريّة عن طريق فهم الحوار والمعنى ضمن سياق محدّد. ولجعل ذلك ممكنًا، تُستعمل تقنيّة تعلّم آلة تُسمَّى معالجة اللغة الطبيعيّة NLP. فهي تتيح للبرامج تلقّي مدخلات من البشر (صوت أو نص) وتحليلها ثم تقديم إجابات منطقيّة. تمكّن الحوسبة الإدراكيّة برامج الدردشة من الحصول على مستوى معيّن من الذكاء في التواصل؛ مثل فهم احتياجات المستعمل استنادًا إلى اتصالاته السابقة، وتقديم الاقتراحات. لذلك يُستعمل Chatbots عادة في أنظمة الحوار لأغراض عملية متعددة؛ كخدمة العملاء أو الاستعلامات.

 

2-            تحليل المشاعر Sentiment Analysis

تحليل المشاعر عِلْمُ فهم المشاعر المتضمَّنة في الحديث المتبادل خلال التواصل. فعلى الرغم من أنه من السهل نسبيًّا على البشر تلقّي نبرة الحديث والمقصد منه، إلّا أنه أكثر تعقيدًا بالنسبة إلى الآلات. ولتمكين الأجهزة من فهم التواصل الإنساني، لا بد من تزويدها ببيانات تدريبيّة خاصّة بالمحادثات البشريّة، ثم مراجعة دقّة التحليل الناتج. يُستعمل تحليل المشاعر عمومًا لتحليل اتصالات التواصل الاجتماعي مثل التغريدات والتعليقات والشكاوى.

 

الشكل 3 تحليل المشاعر

 

3-            اكتشاف الوجه Face Detection

اكتشاف الوجه مستوى متقدّم من تحليل الصور. يَستعمل النظام الإدراكي بيانات مثل البنية والخطوط الإطارية ولون العين وما إلى ذلك من الوجه لتمييزه عن وجوه الآخرين. وبمجرد توليد صورة الوجه، يمكن استعمالها لتحديد هذا الوجه ضمن صورة أو فيديو.

تُستعمل هذه التقنية في أنظمة الأمان في الهاتف المحمول، أو في النظم الأمنية في المطارات والأماكن العامّة الحساسة.

 

الشكل 4 اكتشاف الوجه

 

4-            تقييم المخاطر Risk Assessment

تنطوي إدارة المخاطر في الخدمات المالية على تحليل المحللين لاتجاهات السوق والبيانات التاريخية وما إلى ذلك للتنبؤ بعدم اليقين الذي ينطوي عليه الاستثمار. ولكن هذا التحليل لا يرتبط بالبيانات فقط، بل بالاتجاهات والنزعات والشعور وتحليل السلوك وما إلى ذلك؛ إنه فن وعلم. وهنا، تساعد الحوسبة الإدراكيّة على الجمع بين البيانات السلوكية واتجاهات السوق لتوليد رؤى معيَّنة، يقيِّمها محللون ذوو خبرة لمزيد من التحليل والتوقّعات.

 

5-            كشف الاحتيال Fraud Detection

كشف الاحتيال هو تطبيق آخر للحوسبة الإدراكيّة في التمويل. هو في الأساس نوع من الكشف عن الشذوذ، والهدف منه تحديد المعامِلات التي لا تبدو طبيعية (الحالات الشاذة). يتطلب هذا أيضًا برامج لتحليل البيانات السابقة لفهم المعامِلات التي ستُستعمل للحكم على معامَلة ما. ويمكن تسخير مجموعة من تقنيات تحليل البيانات؛ مثل: الانحدار اللوجستي Logistic Regression، وشجرة القرار Decision Tree، والغابات العشوائية Random Forests، والعنقدة Clustering، وما إلى ذلك لاكتشاف الحالات الشاذة.

 

سمات نظم الحوسبة الإدراكيّة

يمكن للحوسبة الإدراكية أن تؤدي حاليًّا دورًا ممتازًا لوظيفة مساعد شخصي أو مستشار افتراضي. فمن الأمثلة الجيدة على المساعدين الشخصيين: سيري Siri، ومساعد جوجل Google assistant، وكورتانا Cortana، وأليكسا Alexa. ومن الأمثلة على المستشار الافتراضي: Dr. AI من شركة HealthTap؛ وهو حل إدراكي يعتمد على الملفات الطبية للمرضى وعلى المعرفة المستقاة من 105000 طبيب، ويقوم بتجميع قائمة أولويات محددة من الأعراض ويتصل بالطبيب إذا لزم الأمر. يعمل الخبراء الآن على تنفيذ الحلول الإدراكيّة في أنظمة المؤسسات؛ مثل: اكتشاف الاحتيال باستعمال تعلم الآلة، وحل التحليلات التنبُّئية predictive analytics solution، والتنبؤ بانسكاب النفط في دورة إنتاج النفط والغاز وما إلى ذلك.

الغرض من الحوسبة الإدراكية هو إنشاء أطر حوسبية يمكنها حل المشكلات المعقدة دون تدخل بشري مستمر. ولتنفيذ الحوسبة الوظيفية الإدراكيّة في التطبيقات التجارية الواسعة النطاق، أوصت جمعية الحوسبة الإدراكيّة [1] بالميزات التالية لأنظمة الحوسبة:

 

الشكل 5 سمات نظم الحوسبة الإدراكيّة

 

1. التكيف Adaptive

هذه هي الخطوة الأولى في صنع نظام إدراكي قائم على تعلّم الآلة. يجب أن تحاكي الحلول قدرة الدماغ البشري على التعلّم والتكيّف مع البيئة المحيطة، إذ لا يمكن برمجة الأنظمة في مهمة معزولة. ويجب أن تكون ديناميكية في جمع البيانات وفهم الأهداف والمتطلبات.

2. التفاعلية Interactive

على غرار الدماغ، يجب أن يتفاعل الحل الإدراكي مع جميع العناصر الموجودة في النظام من معالجات وأجهزة وخدمات سحابية ومستعملين، وأن تفهم النظمُ الإدراكيّة المدخلاتِ البشريةَ، وتقدِّم النتائج ذات الصلة باستعمال معالجة اللغة الطبيعية والتعلم العميق. وقد حقق بعض مساعدي الدردشات الذكية والماهرة مثل Mitsuku هذه الميزة بالفعل.

3. التكرارية وحفظ الحالة Iterative and Stateful

على النظام أن "يتذكر" التفاعلات السابقة في العملية، وإعادة المعلومات المناسبة للتطبيق المحدد في مرحلة سابقة، وأن يكون قادرًا على تحديد المشكلة عن طريق طرح الأسئلة أو البحث عن مصدر معلومات إضافي. تحتاج هذه الميزة إلى تطبيق دقيق لجودة البيانات ومنهجيات التحقق من الصحة لضمان تزويد النظام بالمعلومات الكافية على الدوام، وإلى أن تكون مصادر البيانات (مدخَلاته) موثوقة ومحدثة.

4. السياق Contextual

يتعيَّن على الأنظمة الإدراكيّة فهم وتحديد واستخراج العناصر ذات العلاقة بالسياق؛ مثل: المعنى، وبناء الجملة، والوقت، والموقع، والمجال المناسب، والقوانين، وملف تعريف المستعمل، والعملية، والمهمة، والهدف. وقد تعتمد هذه الأنظمة على مصادر متعددة للمعلومات؛ منها: المعلومات الرقمية المهيكلة وغير المهيكلة، والمدخلات الحسية البصرية أو الإيمائية أو السمعية أو الواردة من الحساسات.

 

نطاق الحوسبة الإدراكيّة

كانت الحواسيب لعقود خلت أسرع من البشر في إجراء العمليات الحسابية والمعالجة، لكنها أخفقت إخفاقًا ذريعًا في إنجاز المهام التي يعتبرها البشر أمرًا مفروغًا منه، مثل فهم اللغة الطبيعية أو التعرف على الأشياء الفريدة في صورة ما. ولذلك كان على التكنولوجيا الإدراكيّة أن تجعل هذه المهام قابلة للحساب، وأن تستجيب للمواقف المعقدة التي تتميز بالغموض والتي لها آثار بعيدة المدى على حياتنا الخاصة، والرعاية الصحية، والأعمال التجارية، إلخ.

وفقًا لدراسة قام بها معهد IBM لقيمة الأعمال "مستقبلك الإدراكي"[2]، يتكوّن مجال الحوسبة الإدراكيّة من المشاركة والقرار والاكتشاف. ترتبط هذه القدرات الثلاث بطرق تفكير الناس وإظهار قدراتهم الإدراكيّة في الحياة اليومية.

 

 

الشكل 6 نطاق الحوسبة الإدراكيّة

 

1. المشاركة Engagement

تحتوي الأنظمة الإدراكيّة على مستودعات ضخمة من البيانات المهيكلة وغير المهيكلة. هذه المستودعات لديها القدرة على تطوير رؤى معمّقة وتقديم مساعدة خبيرة. تشمل النماذج التي تبنيها هذه الأنظمة العلاقات السياقية بين الكيانات المختلفة في عالم النظام، التي تمكّنه من تكوين فرضيات وحجج. ويمكنها التوفيق بين مختلف البيانات الغامضة وحتى المتناقضة. ومن ثَم فإن هذه الأنظمة قادرة على الدخول في حوار عميق مع البشر. من أمثلة هذه الأنظمة: تقنيات مساعدي المحادثة Chatbots؛ حيث يجري تدريب العديد من الأنظمة المساعدة سلفًا على المعرفة knowledge في المجال المعني لتسريع الاندماج في تطبيقات تحتاج إلى هذه المعرفة.

 

2. القرار Decision

تعتمد هذه الأنظمة على التعلّم بالتعزيز Reinforcement Learning[ii]. وتتطور القرارات التي تتخذها النظم الإدراكيّة باستمرار بناءً على المعلومات والنتائج والإجراءات الجديدة. ويعتمد اتخاذ القرارات المستقلة على القدرة على تتبّع سبب اتخاذ القرار المحدّد، وتغيير درجة الثقة في استجابة النظام. حالة الاستعمال الشائعة لهذا النموذج هي استعمال IBM Watson  في الرعاية الصحية؛ إذ يمكن للنظام جمع وتحليل بيانات المريض، ومن ضمنها تاريخه المرضي وتشخيصه. ويرتكز الحل على قدرته على تفسير المعنى وتحليل الاستفسارات في سياق البيانات الطبية المعقدة واللغة الطبيعية، ومن ذلك ملاحظات الأطباء وسجلات المرضى والشروح الطبية والتعليقات السريرية. وبعد مرحلة التعلّم، يصبح النظام أكثر دقة باضطراد، ويتيح دعم القرار وتقليل الأعمال الورقية، تاركًا المزيد من الوقت للأطباء لقضائه مع المرضى.

 

3. الاكتشاف Discovery

الاكتشاف هو النطاق الأكثر تقدمًا في الحوسبة الإدراكية، إذ يتضمن إيجاد رؤى وفهم كمية هائلة من المعلومات وتطوير المهارات. هذه النماذج مبنية على التعلم العميق وتعلم الآلة غير الخاضع للإشراف. ومع استمرار تزايد كميات البيانات، تبرز حاجة واضحة لأنظمة تساعد على استثمار المعلومات بفعالية أكبر من البشر وحدهم. ومع أنّها ما تزال في مراحلها المبكرة، إلا أنه ظهرت بالفعل بعض قدرات الاكتشاف، ومقترحات قيّمة لتطبيقات مستقبلية واعدة. تُعَدّ إدارة المعلومات الإدراكيّة (CIM) في جامعة ولاية لويزيانا (LSU) واحدة من الحلول الإدراكيّة؛ إذ يجمع العملاء الأذكياء الآليون الموزَّعون في النظام بيانات التدفق، مثل النص والفيديو، لإنشاء نظام تفاعلي للاستشعار والفحص والتصور يوفر المراقبة والتحليل في الوقت الحقيقي. لا يرسل نظام CIM تنبيهًا فحسب، بل يعزل الأحداث الحرجة ويصلح العطل.

 

المشهد العام للحوسبة الإدراكيّة

تسيطر كبرى شركات الحوسبة في العالم (IBM و Microsoft و Google) على سوق الحوسبة الإدراكيّة الحاليّة. فقد استثمرت شركة IBM، باعتبارها رائدة في هذه التقنية، 26 مليار دولار في البيانات والتحليلات الضخمة، وتنفق الآن ما يقرب من ثلث ميزانية البحث والتطوير في تطوير تقنية الحوسبة الإدراكية. وتقوم العديد من الشركات والمؤسسات الأخرى بتطوير منتجات وخدمات جيدة، قد تكون أفضل من Watson. استحوذت IBM و Google على منافسيهما، ويتحرّك السوق نحو الاندماج. لنلقِ نظرة على اللاعبين البارزين في هذه السوق:

 

الشكل 7 كبرى المشاريع في الحوسبة الإدراكيّة

 

1. واتسون IBM Watson

واتسون، في الأصل، حاسوبٌ عملاق من شركة IBM، يجمع بين الذكاء الصنعي والبرامج التحليليّة المتطوّرة لتحقيق الأداء الأمثل كجهاز يهدف إلى "الإجابة عن الأسئلة" الذي ظهر في البرنامج الشهير "Jeopardy". أما الآن، فهو يَستعمل مجموعة من التقنيات مثل: معالجة اللغة الطبيعية، والتعرف على الصور، وتحليلات النص، إضافة إلى تقنيات المعالجة الاحتمالية الضخمة. وهذا يمكّن واتسون من تحسين عملية اتخاذ القرار، وخفض التكلفة، وتحسين النتائج والمخرجات.

 

2. خدمات مايكروسوفت الإدراكيّة Microsoft Cognitive Services

الخدمات الإدراكيّة من شركة مايكروسوفت، التي كانت تعرف سابقًا باسم Project Oxford، هي مجموعة من: واجهات برمجة التطبيقات API، وأدوات تطوير التطبيقات SDKs، وخدمات إدراكيّة يمكن للمطورين استعمالها لجعل تطبيقاتهم أكثر ذكاءً. مع الخدمات الإدراكيّة، يمكن للمطورين إضافة ميزات ذكية إلى تطبيقاتهم بسهولة، مثل: اكتشاف المشاعر والعواطف، وتعرُّف الكلام والرؤية، والمعرفة، وفهم اللغة.

 

3. Google DeepMind

حصلت Google على DeepMind في عام 2014، واعتُبرت جهة رائدة في أبحاث الذكاء الصنعي. يتكوّن فريقها من العديد من الخبراء المشهورين في مجال الشبكات العصبونية العميقة، والتعلّم المعزز، والنماذج المستوحاة من علم الأعصاب. أصبح "ديب مايند" شائعًا لدى AlphaGo، وهو ذكاء صنعي ضيق[iii] للعب  اللعبة الاستراتيجية الصينية Go المخصصة للاعبين اثنين. وأصبحت AlphaGo أول برنامج ذكاء صنعي يفوز على إنساني محترف في أكتوبر 2015، على لوحة كاملة الحجم.

 

4. CognitiveScale

أسسها أعضاء سابقون في فريق IBM Watson، وهو يوفر برنامج السحابة الإدراكيّة للمؤسسات. توفر منصة الذكاء المعزز من CognitiveScale رؤى كخدمة insights-as-a-service، وتسرّع في إنشاء تطبيقات إدراكيّة في الرعاية الصحية وتجارة التجزئة والسفر والخدمات المالية. فهي تساعد الشركات على فهم البيانات الفوضوية والمتباينة وتوجيه رؤى قابلة للتنفيذ والتعلم المستمر.

 

5. SparkCognition

هي شركة ناشئة مقرها أوستن، تم تشكيلها في عام 2014. تقوم هذه الشركة بتطوير برنامج سايبر فيزيائي، المدعّم بالذكاء الصنعي لتوفير سلامة وأمن وموثوقية تقنية المعلومات Information Technology - IT وتقنية العمليّات Operations Technology - OT وإنترنت الأشياء الصناعيّة Industrial Internet of Things - IIOT. وهو قادر على تسخير بيانات أجهزة الاستشعار في الوقت الحقيقي والتعلم منها باستمرار، مما يسمح بسياسات أكثر دقة لتخفيف المخاطر والوقاية منها للتدخل وتجنب الكوارث.

 

ألهم نجاح Watson و DeepMind الشركات الأخرى بتطوير منصات إدراكيّة باستعمال أدوات مفتوحة المصدر:

-       تتخذ شركات التكنولوجيا الرائدة الأخرى مثل Qualcomm و Intel خطوات حذرة لتشمل الحلول الإدراكيّة للصناعات المتخصصة.

-       أنشأت شركة Uber ذراعًا بحثية مخصصة للذكاء الصنعي وتعلّم الآلة واكتسب الذكاء الهندسي Geometric Intelligence[iv] وأوتو Otto[v].

-       أضحت الرعاية الصحية القطاع الأكثر شعبية الذي يتبنى الحلول الإدراكيّة، فقد قامت شركات ناشئة مثل Lumiata و Enlitic بتطوير حلول تحليلية صغيرة وقوية تساعد مقدمي الرعاية الصحية على تشخيص حالات الأمراض والتنبؤ بها. من الشركات الأخرى في هذا السوق: تحليلات Cisco للتهديدات الإدراكيّة، و CustomerMatrix، والتفكير المنطقي الرقمي.

 

الخاتمة

تحاكي الحوسبة الإدراكيّة الإدراك البشري، وتتيح للبشر استعمال أفضل الخبرات والتاريخ والأدلة والحقائق والأرقام لاتخاذ قرارات موثوقة ودقيقة. تهدف الحوسبة الإدراكية إلى مساعدة البشر على إنجاز مهامهم اليومية واتخاذ القرارات المناسبة دون الاستعاضة عن الجهد البشري فعليًّا، على عكس الذكاء الصنعي، الذي يميل إلى استبدال الجهد البشري في العديد من المجالات.

 

المراجع

[1] Cognitive computing consortium: https://cognitivecomputingconsortium.com/

[2] Your Cognitive Future: https://www.ibm.com/thought-leadership/institute-business-value/report/your-cognitive-future

[3] Future of Cognitive Computing: https://witanworld.com/article/2018/10/08/cognitive-computing/

[4] What is Cognitive Computing? Features, Scope & Limitations: https://marutitech.com/cognitive-computing-features-scope-limitations/

[5] Defining IT, OT and IIoT: https://iiot-world.com/connected-industry/defining-it-ot-and-iiot/

 

 


[ii] التعلّم بالتعزيز Reinforcement Learning هو مجال في تعلم الآلة، يهتم بكيفية قيام وكلاء البرامج باتخاذ إجراءات في بيئة لتعزيز مفهوم المكافأة التراكمية. يُعَدّ التعلم بالتعزيز واحدًا من ثلاثة نماذج أساسية لتعلم الآلة، إلى جانب التعلم الخاضع للإشراف supervised learning والتعلم غير الخاضع للإشراف unsupervised learning.

[iii] يركّز الذكاء الصنعي الضيق Narrow Artificial Intelligence على مهمة ضيقة واحدة. وهو على النقيض من الذكاء الصنعي القوي الذي يعرَّف بأنه آلة مع القدرة على تطبيق الذكاء على أي مشكلة، وليس مجرد مشكلة واحدة محددة.

[iv] الذكاء الهندسي Geometric Intelligence تقنية تجمع بين تعلم الآلة ورؤية الكمبيوتر لحل المهام المرئية. الهدف الرئيسي من هذه الطريقة هو العثور على مجموعة من الميزات التمثيلية للنموذج الهندسي لتمثيل كائن عن طريق تجميع الميزات الهندسية من الصور وتعلمها باستعمال طرق فعالة لتعلم الآلة. يحل البشر المهام المرئية، ويمكن أن يقدموا استجابة سريعة للبيئة عن طريق استخراج المعلومات الحسية مما يرونه.

[v] أوتو Otto شاحنة مزوّدة بالكاميرات وأجهزة استشعار الليزر لجعلها ذاتية الحركة.

 

 

قد ترغب كذلك بقراءة
الاعتماد على حلول الحوسبة الإدراكية في مجالات الرعاية الصحية
الحوسبة الإدراكية والذكاء الصنعي
الحوسبة الإدراكية ومستقبل المعرفة