بقلم ميس محمد
مهندس معلوماتية

أصبحت التقانات جزءًا لا يتجزأ من حياتنا، يتسارع فيها تطور التطبيقات والتقنيات، وتتحول عوالمنا إلى عالم افتراضي يعيش فيها الفرد ويتجول ويُسافر ويتعرف الأشياء، وأيضًا يتعلم ويدرس.

وقد وَفدت إلينا تقنيات الواقع الافتراضي بمختلف وسائلها بوصفها تقنيات يمكننا تسخيرها لخدمة العلم والمتعلمين بل والمعلمين أيضًا. وتقنية الواقع الافتراضي virtual Reality هي من أحدث ما وصل إلينا، وهي في حقيقة الأمر وسيلة تنقل البيئة التعليمية إلى مستوى جديد ومتقدم.

وقد يكون الواقع الافتراضي بيئة بسيطة تُعرض على حاسوبك، أو بيئة مرتبطة بجميع حواسك باستعمال قبعات وملابس وأجهزة خاصة.

مفهوم الواقع الافتراضي

أقرب تعريف للواقع الافتراضي هو أنه تمثيل حاسوبي يُنشئ تصورًا للعالَم يَظهر لحواسنا وكأنه عالَم حقيقي، ويمكنه نقل المعلومات والخبرات إلى الأذهان بطريقة تفاعلية بأسلوب جذاب. ويعرَّف أيضًا بأنه محاكاة تفاعلية باستعمال الحاسوب تُشعر المستعمل بالمكان والأفعال.

اّثاره السلبية

تقوم فكرة الواقع الافتراضي (أو الواقع التخيلي) على أساس إقناع المستعمل بأن ما يحدث أمامه حقيقي، علمًا بأنه ليس كذلك. وعلى الرغم من استشراف هذه التقنية لمستقبل واعد، وعلى الرغم من تنوع تطبيقاتها والخدمات التي تقدمها والأنشطة التي تقوم بها، فقد تعالت الأصوات على ضرورة استظهار الوعي عند توظيف تطبيقات هذه التقنية، وألا يُنظر إليها على أنها وسيلة للهروب من الواقع الفعلي الذي نعيش فيه إلى واقع آخر بديل نصوغ مفرداته بأنفسنا، بل يجب التعامل معها على أنها أداة تمكننا من خلق عالم اصطناعي من شأنه زيادة فهمنا وإدراكنا لعالمنا الحقيقي ومتطلباته وإيجاد الحلول المثلى لما يواجهنا فيه من صعاب ومشكلات.

أما الإدارة الوطنية للملاحة الجوية والفضاء (NASA) فتعرِّف الواقع الافتراضي بأنه "استعمال التقانات الحاسوبية لخلق تأثير عالم تفاعلي ثلاثي الأبعاد، يكون للأجسام فيه إحساس بوجود مكاني". أي إنه إدراك لأشياء لا يمكننا لمسها، لكن حواسنا تدرك أنها حقيقية.

يركز الواقع الافتراضي على دمج الهندسة والتصميم وأنظمة الحاسوب بغرض محاكاة عوالم مختلفة تمكِّن المستعملين من تجربة عالم غير موجود. وهو إلى ذلك قادر على استحداث بيئات مختلفة وعمليات متغيرة، توسِّع الخيال وتزيد في الخبرة والبحث والاستكشاف والتعلم.

أما لغة نمذجة الواقع الافتراضي فهي لغة تحوِّل رسوم الحاسوب الثلاثية الأبعاد إلى بيئات افتراضية يمكن عرضها في متصفحات متعددة.

العناصر الرئيسية لتجربة الواقع الافتراضي

تتكون عناصر الواقع الافتراضي مما يلي:

العنصر الأول: العالم الافتراضي

وهو مضمون وسط معين، قد يكون موجودًا في العالم الواقعي أو موجودًا في خيال مبدعه فقط، وغالبًا ما يجري تصميمه بطريقة تجعل الآخرين يشاركون فيه.

العنصر الثاني: الانغماس

من أهم العناصر الواجب توافرها لإنجاح تجربة الواقع الافتراضي هو الانغماس أو الغوص في واقع بديل أو في وجهة نظر معينة. وهذا العنصر يؤكد إمكان إدراك شيء ما في لحظة معينة بإحدى طريقتين: إما بإدراك عالم بديل علمًا بأن الشخص يعيش في واقع مختلف، وإما أن يدرك عالمه الذي يعيشه في تلك اللحظات من وجهة نظر أخرى مغايرة لوجهة نظره.

العنصر الثالث: الملاحظات الحسية (ردة الفعل الحسية)

فالواقع الافتراضي وسيلة نستطيع بها تجريب حقيقة متخيلة بواسطة حواسنا المادية (البصر، السمع، اللمس) ولا يلزم فيها استعمال قدراتنا التخيلية.

العنصر الرابع: التفاعل

لكي يبدو الواقع الافتراضي حقيقيًّا يجب أن يستجيب لحركات المستعمل، أي أن يتفاعل معها ومع المستعمل نفسه. ولا شك في أن تسخير الحاسوب في هذه العملية يجعل من تحقيق التفاعل المطلوب أمرًا ميسورًا، ومن ثَم يصبح المستعمل هو الآخر متفاعلًا أيضًا مع الأجسام والشخصيات والأماكن في هذا العالم الافتراضي الخيالي.

أنواع الواقع الافتراضي

1. الواقع الافتراضي الذي يجعل المستعمل في حالة انغمار كامل

وفيه يوهَم المستعمل بأنه موجود فعلًا في عالم يبدو كأنه حقيقي دون الإحساس بوجود نظام الحاسوب أو حتى العالم الواقعي من حوله، ولا يرى المستعمل في هذه الحالة سوى العالم الافتراضي الذي يشاهده والتحرك فيه والتفاعل معه والإحساس الكلي بكل ما يدور فيه.

2. واقع محدود الوظيفة والمكان

يُستعمل هذا النظام في أجهزة المحاكاة، ويقوم المستعمل في هذه الحالة بمحاكاة خواص معينة ضمن الواقع الحقيقي كتأثير الجاذبية أو خواص الجزيئات مثلًا أو تأثير السرعات العالية في الأجسام.

3. واقع افتراضي طرفي

في هذه الحالة، تُستعمل شاشات عادية لرؤية العالم الافتراضي، وهذا يحد من الشعور بالوجود الواقعي في العالم الافتراضي.

وسائل وتجهيزات الواقع الافتراضي

وسائل وتجهيزات تصميم الواقع الافتراضي

1. الحواسيب والمخدمات

يتطلب الواقع الافتراضي - بحسب نوعه - أن تكون الحواسيب المستعملة إما حواسيب شخصية وإما حواسيب ضخمة، إضافة الى ميزات تتعلق بسعات الذواكر والسرعات العالية للمعالجات. ويحتاج مصمم الواقع الافتراضي كذلك إلى مخدم أو حجز مكان في مخدم، علمًا بأن إتاحة واقع حياة ثانية تحتاج إلى أكثر من 2500 مخدم.

2. الفأرة الثلاثية الأبعاد: وهي من أشهر أدوات إدخال البيانات، وتتميز بسهولة حركتها على كرة لتحريك الأشكال الثلاثية الأبعاد في كل الاتجاهات.

3. عصا التحكم: تشبه في عملها عمل الفأرة، وقد شاع استعمالها في محاكاة الطيران في قمرة القيادة لتحريك الأشكال إلى الأمام وإلى الخلف.

وسائل وتجهيزات التعامل مع الواقع الافتراضي

1- أجهزة العرض المرئي، ولها أنواع:

1-1. شاشة الحاسوب: تُستعمل للعرض المرئيّ بمفردها أو متصلة بأجهزة تحكم.

1-2. أجهزة العرض بالإسقاط: تُستعمل في حال وجود عدة مشاهدين.

1-3. الكهوف/ مكعبات الرؤية: مكعبات ضخمة تتكون من أربعة أو خمسة أسطح، كلُّ سطح منها شاشة مستقلة.

1-4. محطات الرؤية: شاشة مقعرة يبلغ قطرها قرابة 1.5 متر، تشغل المجال البصري للمشاهد لتحقيق أكبر قدر من الانغماس.

1-5. طاولات العمل: لوحة عرض ثلاثية الأبعاد تتكون من شاشتين مزدوجتين؛ إحداهما عمودية والأخرى أفقية على ارتفاع متر من الأرض، تتصل بجهاز تتبّع حركة.

1-6. جهاز عرض يثبت على الرأس: جهاز عرض شفاف، مزوَّد بعدستين وسماعتين، وموصول بجهاز تحكم يمكن ربطه بحاسوب.

تطبيقات الواقع الافتراضي

ما يمكن أن يحصل باستعمال الواقع الافتراضي لا يحدّه إلا خيالنا، وما من مجال من مجالات الحياة إلا ويمكن أن يُحاكى. للواقع الافتراضي دور، ليس فقط في التعليم وتسهيل سبل الحياة، بل في إبداع أنماط جديدة من الفنون وخلق وسائل جديدة للتعبير الثقافي وإيجاد طرائق جديدة للتقارب بين الناس. ويستطيع رواد الفضاء باستعمال الواقع الافتراضي أن يتدربوا على الرحلات الفضائية. كما يستطيع أفراد الشرطة أن يتعاملوا مع المواقف الخطرة قبل أن تواجههم، وأن يضعوا السيناريوهات المختلفة ويقوموا باختبارها. ويستطيع الطيارون أن يتدربوا على مناورات جوية والاستعداد لحالات الطوارئ دون الإقدام على مجازفات أو حصول أضرار. ولا شك في أنه لا حدود لتطبيقات الواقع الافتراضى في مجالات الطب والهندسة والمبيعات والتسويق وغيرها من التطبيقات الترفيهية.

للواقع الافتراضي فوائد كثيرة للمتعلم؛ فهو يمكِّن من القيام بجولة افتراضية من مكان لآخر. وتكمن القوة الرئيسية لهذا الأسلوب في أنه يتيح للمستعملين رؤية المكان الافتراضي بزاوية 360 درجة واستكشاف عناصره بأبعادها الثلاثية، فيستطيع المشاهد التفاعل مع المشهد تفاعلًا حقيقيًّا، وهذا يختلف عن مجرد المشاركة في عرض المعلومات على شاشة الحاسوب.

ومن المعتقد أن تقانات الواقع الافتراضي قادرة على تنمية التعلم الذاتي المتمركز حول الطالب عن طريق استكشاف عالم أقرب للواقعية وأكثر تفاعلية، فيتمكن المتعلم من خلالها من التحرك والتجول داخل المشهد لينمي قدراته على تصور وفهم وإدراك البيانات العلمية المعقدة التي لا تؤدي دراستها بالبعد الثنائي إلى الفهم المطلوب، وخاصة في المواد العلمية.

براكسيلابس Praxilabs

هو مخبر افتراضي لإجراء تجارب في العلوم، صُمم بتقنية المحاكاة الثلاثية الابعاد، فاز بجائزة المليار القادم لتقنيات التعليم لعام 2019. يجري العمل على تطوير براكسيلابس ودعمه باستمرار بواسطة فريق عمل متخصص من المبرمجين وخبراء التعليم الذين يدركون أهمية التجارب والاختبارات العلمية في مجال تعليم العلوم.

مميزاته:

·إمكان إجراء عشرات التجارب في مخابر تعمل بتقنية المحاكاة الثلاثية الأبعاد لمواد الفيزياء والكيمياء وعلم الأحياء.

·إمكان دخول الطلاب إلى المخابر وإجراء التجارب بسهولة في أي وقت وباستعمال أي جهاز.

·لجميع التجارب ملفات تتضمن شروحًا وإرشادات لمساعدة الطلاب على تتبع الخطوات بدقة.

·إمكان دمج مخابر براكسيلابس بسهولة مع نظام إدارة التعلم المستعمل بمؤسستك التعليمية.

في علم الأحياء

في الكيمياء

توفر مخابر براكسيلابس الافتراضية للمؤسسات التعليمية والطلاب مجموعة كبيرة من التجارب الافتراضية للكيمياء يجري تحديثها باستمرار، وتشمل مجالات الكيمياء العامة والتحليلية والعضوية. ويستطيع الطلاب تعلم التجارب وفهمها دون التعرض للمخاطر المختلفة مع توفير التكاليف الدورية لشراء المواد الكيماوية ومستلزمات المخابر.

في الفيزياء

تحتوي المخابر الافتراضية للفيزياء على محاكاة ثلاثية الأبعاد لعشرات التجارب المتعلقة بالفيزياء الكهربائية والمغنطيسية والفيزياء الحرارية والإلكترونيات والفيزياء الحديثة والتجارب النووية والميكانيك والموجات وغيرها كثير. توفر مخابر براكسيلابس نماذج ثلاثية الأبعاد للأجهزة المرتفعة التكلفة التي يصعب اقتناؤها في الواقع.