دراسات وأبحاث
تكنولوجيا الهاتف المحمول والعمل المصرفي
العدد 153 | حزيران (يونيو)-2020

بقلم هبه قابقلي

أحدثت تكنولوجيا الهاتف المحمول ثورة حقيقية في الصناعة العالمية للخدمات المصرفية والدفع الإلكتروني؛ فقد هيَّأت هذه التكنولوجيا فرصًا جديدةً للمصارف لتوفير وسائل راحة إضافية لعملائها في البلدان المتقدمة، والوصول إلى عدد كبير من العملاء في الأسواق الناشئة. وجعلت العمل المصرفي أكثر بساطة وسهولة وملاءمة.

لقد غيرت الإنترنت الطريقة التي نبحث بها عن المعلومات ونتسوق بواسطتها المنتجات. وصار لتقنية الهاتف المحمول تأثير بعيد المدى في قطاع المصارف والدفع في جميع أنحاء العالم. فالخدمات المصرفية الجديدة التي استُحدثت اعتمادًا على الهواتف الذكية كانت مفيدة جدًّا للعملاء من جهة توفير الجهد والوقت، وسهَّلت على المصارف إنجاز معاملات عملائها من دون أن يتوافدوا إلى مكاتبها ويتزاحموا فيها. وزادت المنافسة الشديدة بين المصارف التي تتطلع إلى جذب مزيد من العملاء عن طريق تطوير آليات عملها.

وقد لاقت هذه الخدمات الجديدة استحسانًا كبيرًا من جميع المرتبطين بها ارتباطًا مباشرًا. وأصبحت الخدمات المصرفية باستعمال الهاتف المحمول الوسيلة الأولى لإجراء الودائع وتحويل الحسابات ومراقبة الإنفاق والأرباح. ووفقًا لدراسة أجرتها Business Insider Intelligence، أجاب 89٪ من المشاركين في الاستطلاع أنهم يتعاملون مع الخدمات المصرفية بالهاتف المحمول.

 

ثمة طرق مختلفة للوصول إلى الخدمات المصرفية بالهاتف المحمول عن طريق موقع وب للجوال أو تطبيقات الجوال أو الخدمات المصرفية النصية. تتيح هذه الخدمات للعملاء أداء المهام المصرفية مثل التحقق من الأرصدة وتحويل الأموال ودفع الفواتير وغيرها من المهام مباشرة من الجهاز المحمول من أي منطقة جغرافية.

توضح هذه المقالة مفهوم التعامل مع الخدمات المصرفية بالهاتف المحمول، والخدمات التي تقدمها المصارف عن طريق الهواتف المحمولة والعوامل التي ساهمت في انتشار هذه الخدمات، والفوائد التي تعود بها على كل من المصارف والعملاء إضافة إلى التحديات التي ستواجه المصارف مستقبلًا.

مفهوم الخدمات المصرفية باستعمال الهاتف المحمول

الخدمات المصرفية باستعمال الهاتف المحمول تعني تسخير جهاز محمول لإجراء المعاملات المالية. فمثلًا، يمكن للعملاء دفع الفواتير أو تحويل الأموال بين الحسابات باستعمال تطبيق المصرف الخاص بهم على هواتفهم الذكية أو أجهزة الكمبيوتر اللوحية.

وهذه الخدمات على وشك التحول من خدمة مخصَّصة لبعض زبائن المصارف إلى خدمة السوق الشامل التي تتطلبها جميع شرائح العملاء.

 

الخدمات المصرفية التي تقدمها تكنولوجيا الهاتف المحمول

توفر هذه الخدمات وصولًا سريعًا وسهلًا إلى الحسابات المصرفية، إذ يمكن للعميل بواسطة معلومات تسجيل الدخول الآمنة الوصول إلى معلومات الحساب وإجراء المعاملات من متصفح الوب؛ أي إدارة أمواله بأسلوب أفضل بصرف النظر عن مكانه الجغرافي. وتتيح الخدمات المصرفية النصية إمكان طلب معلومات الحساب بسرعة وتلقيها في رسالة نصية. ويمكن أن ترسل بعض المؤسسات المالية معلومات رصيد العميل ونشاط حسابه الحديث وتواريخ استحقاق بطاقة الائتمان ومواقع أجهزة الصراف الآلي، كل ذلك في معلومات نصية. كما يمكن لبعض مقدمي الخدمة إرسال رسائل نصية إذا كان الرصيد أقل من مبلغ معين.

وغالبًا ما توفِّر المؤسسات المالية هذه الخدمات بالهاتف المحمول من دون أي رسوم إضافية، ولكن قد تضاف بعض الرسوم على الرسائل النصية والوصول إلى شبكة الإنترنت لشركات المحمول.

تتيح التطبيقات المصرفية باستعمال الأجهزة المحمولة الخدمات المصرفية الآتية:

  • إيداع الشيكات مع الأجهزة المدعومة
  • عرض الشيكات وإيداع الصور
  • دفع الفواتير
  • تحويل الأموال
  • كشف نشاط حساب مفصل
  • عرض معلومات الرصيد
  • تحديد موقع أجهزة الصراف الآلي باستعمال GPS

 

العوامل التي ساهمت في انتشار تكنولوجيا الهاتف المحمول في العمليات المصرفية

إن توفير الوقت والجهد في كل شيء هو شعار المرحلة المقبلة في التكنولوجيا الحديثة في جميع الخدمات وليس في قطاع المصارف فحسب. وهذا يشير إلى أن التطور التكنولوجي السريع الوافد من أكثر دول العالم تقدمًا يركز في المقام الأول على المستهلك لتوفير وقته وجهده. وهذه الخدمات تعمل بالتناسق مع أجهزة الآي فون والبلاك بيري والسامسونج...إلخ، ومن ثَم سيكون الإقبال عليها كبيرًا جدًّا، وفي ذلك فوائد كبرى للعديد من الأطراف التي تتعامل مع هذا الموضوع؛ كالمصارف والعملاء ومزوِّدي التطبيقات.

 

وقد أقبل العملاء على هذه الخدمات إقبالًا شديدًا بعدما أثبتت التجارب بأن نسبة المخاطرة فيها لا تتجاوز %1، وهي محصورة إما في ضياع الهاتف المحمول وإما في سرقته. ومع ذلك، فلن تنشأ أية مشكلة بسبب ذلك لأن الأرقام السرية المطلوبة لتنفيذ الخدمة لا يعرفها سوى العميل.

كان المصرفيون يتحدثون عن استعمال الهواتف المحمولة باعتبارها قناة للخدمات المصرفية للمستهلكين مثلما كانت شركات الطاقة تحاول جعل الطاقة الشمسية قليلة التكلفة، لكن الأمر استغرق من عام 2005 إلى عام 2010، حيث زادت الخدمات المصرفية باستعمال الهاتف المحمول بمعدل نمو سنوي مركب بنسبة 100٪ تقريبًا، وحدث معظم هذا النمو بعد عام 2007، حيث طرحت شركة Apple Inc في هذا العام جهاز iPhone والمتجر الإلكتروني App Store.

ويمكن تلخيص العوامل التي جعلت الخدمات المصرفية باستعمال الهاتف المحمول حقيقة واقعة بما يلي:

  • الاعتماد المتزايد على الهواتف الذكية

خلال السنوات القليلة الماضية، أصبحت الهواتفُ الذكية الأجهزةَ المفضلة للمستهلكين، لأنها تتيح لهم إجراء المكالمات وإرسال واستقبال رسائل البريد الإلكتروني والرسائل النصية وتصفح الوب وأداء العديد من المهام الأخرى مثل تحميل تطبيقات برمجية مجانية أو منخفضة التكلفة.

  • التحولات في تفضيلات المستهلك

توفر أجهزة الصراف الآلي والخدمات المصرفية بالإنترنت، والهواتف الذكية المزيد من الخيارات للمستهلكين. حيث تتيح لهم الوصول إلى معلومات الحساب وإجراء المعاملات دون الحاجة إلى الوصول إلى فروع المصارف أو أجهزة الصراف الآلي أو أجهزة الكمبيوتر؛ أي إنها توفر لهم الوصول السريع في أي ظرف وأي مكان.

  • بناء قدرة كبيرة

قامت معظم المصارف الكبيرة بإجراء استثمارات كبيرة لتقديم خدماتها بالهاتف المحمول. أما المؤسسات المالية الصغيرة، فلم تكن بعيدة عن هذه التكنولوجيا. ولا بد من الإشارة إلى أن شركات شبكات المحمول، ومعالجات بطاقات الائتمان، وخدمات التمويل الشخصي بالإنترنت التي تتيح للمستهلكين تجميع حساباتهم على موقع وب أو تطبيق واحد تُعدُّ من جملة الشركات غير المصرفية السريعة النمو والمنافسة في هذه التكنولوجيا.

  • ابتكار المنتجات والخدمات

تتيح الهواتف المحمولة للمصارف تقديم ميزات للعملاء لا يمكن تقديمها بطرق بديلة، مثل إيداع الشيكات من بُعد، والمدفوعات الشخصية (P2P)، وإخطار الاحتيال في الزمن الحقيقي. هذه الميزات تجعل الخدمات المصرفية باستعمال الهاتف المحمول تجربة ثرية ومعتمَدة خلال السنوات القليلة المقبلة.

 

فوائد تكنولوجيا الهاتف المحمول للمصرف

تقدم الخدمات المصرفية باستعمال الهاتف المحمول للمصارف العديد من الفرص لزيادة الإيرادات. ويشمل ذلك تسهيل عمليات تحليل بيانات العملاء، وإمكان وصول أكبر في الزمن الحقيقي إلى المنتجات والخدمات، وإجراء حملات تسويقية مستهدفة بناءً على معرفة تفضيلات العملاء التي تجمعها المصارف.

 

وكذلك تتيح الخدمات المصرفية باستعمال الهاتف المحمول للمصارف إمكان التوسع إلى ما وراء البصمة إضافة إلى القدرة على بيع المنتجات وبيعها للعملاء الحاليين. يمكن للمصارف التي تستفيد من إمكانات الخدمات المالية المتنقلة الإضافية هذه أن تُحدث تأثيرًا عميقًا في طبيعة العلاقة المصرفية.

وعلى عكس محلات السوبر ماركت والمتاجر الكبرى وغيرها من الشركات التي تنحصر رؤيتها في بعدٍ واحد فقط من عادات الإنفاق لدى المستهلكين، فإن للمصارف رؤية أوسع لما يشتريه عملاؤها والمكان الذي يرغبون في التسوق فيه. وهذا يضع المصارف في وضع محدد لتطوير خط جديد من الأعمال يركز على تجميع تحليلات البيانات لتجار التجزئة والكيانات الأخرى التي تتنافس على تحليل بيانات العملاء - مع الحفاظ على خصوصية معلومات العملاء الفرديين.

يمكن للتجار الاستفادة من هذه المعلومات المجمَّعة لاستهداف العملاء بفعالية أكبر مما قد يفعلون من بوسائل أخرى. وإضافة إلى ذلك، يمكن للمصارف تسخير هذه المعرفة لتعزيز قدراتها على اكتساب عملاء جدد، ومقارنة العملاء الحاليين، وتحسين قدرات اتخاذ القرار، وتقديم خدمة أفضل للعملاء.

ويمكن تلخيص هذه الفوائد بما يلي:

  • تخفيض نفقات المصرف

تساعد المصارف على الاستمرار في عملها بلا أوراق وأن تكون صديقة للبيئة؛ وذلك بتوفير المال على شؤون الطباعة والتسليم، وتقليل الحاجة إلى توظيف عمال إضافيين، والاقتصاد في التكاليف التشغيلية لعمل فروع المصارف.

يمكن للمصارف تحقيق الكفاءة التشغيلية باعتماد استراتيجية قناة متكاملة تشمل الخدمات المصرفية باستعمال الهاتف المحمول. ويمكن أن تكون تكلفة معالجة إحدى المعاملات بالهاتف المحمول أقل بمقدار 10 أضعاف من أجهزة الصراف الآلي وأقل بمقدار 50 مرة من فرع مصرفي.

ووفقًا لتحليل Deloitte، يمكن لمصرف لديه 100 فرع و250 جهاز صراف آلي، إذا كان متوسط حجم الإيداع إلى السحب اليومي يقدر بـ 165 معاملة تجري ضمن الفروع و65 معاملة سحب من الصرافات الآلية، أن يتوقع توفير نحو 5 ملايين دولار سنويًّا في حال قدرة المصرف على تحويل 20٪ من معاملات الفروع وأجهزة الصراف الآلي هذه إلى قناتها المحمولة.

  • العائد الكبير للاستثمار

وفقًا لدراسة أجرتها Fiserv، تؤثر الخدمات المصرفية باستعمال الهاتف المحمول في مشاركة العملاء وعوائد الاستثمار بعدة طرق. إذ يمكن للمؤسسة المتوسطة - عن طريق زيادة معدلات الاستفادة من الخدمات المصرفية باستعمال الهاتف المحمول - توليد الملايين من الإيرادات الإضافية وتقليل الاستنزاف في المصاريف بنسبة تصل إلى 15٪.

يبقى العملاء مع المؤسسات المالية مدة أطول، لأن معدل استنزاف المستفيدين من الخدمات المصرفية باستعمال الهاتف المحمول أقل مقارنة مع نظرائهم في الفروع فقط أو في الإنترنت. حيث يعرَّف معدل الاستنزاف بالانخفاض في عدد العملاء خلال مدة محددة.

تشير الأبحاث الصادرة عن ABA Banking Journal إلى أن الوصول الفوري إلى المعلومات المالية للزبون يمكن أن يؤثر في المعاملات الإضافية؛ فالمستفيدون من الخدمات المصرفية باستعمال الهاتف المحمول يولدون متوسط دخل أكثر من المستفيدين من الخدمات المصرفية غير المتنقلة، وتحقق المصارف عائدات بنسبة 66 في المئة من المستفيدين من الخدمات المصرفية باستعمال الهاتف المحمول مقارنةً بعملاء الفروع فقط.

  • تحسين تجربة العملاء

هذه الخدمات متوفرة على الدوام 24/7، وهذا يعني تلبية فورية لاحتياجات العملاء، وإضفاء الطابع الشخصي حيث تتمكن المصارف من خلال جمع البيانات حول سلوك العملاء وتفضيلاتهم من إنشاء تجارب فريدة ومخصصة لهم، مما يؤدي إلى رضاهم وزيادة مصداقيتهم، والسيطرة الكاملة على شؤونهم المالية.

  • جمع تحليلات العملاء

يمكن للمصارف - بواسطة أحد تطبيقات الجوال - جمع وتحليل المقاييس القابلة للتنفيذ، وهذا يمكِّن من قياس وتحسين الخدمات وتجربة العملاء. وتساعد المقاييسُ المصارفَ على فهم كيفية تفاعل العملاء مع التطبيق. يمكن تقسيم جميع هذه المقاييس إلى ثلاث مجموعات رئيسية: رضا العملاء ومشاركتهم، والاستحواذ، والأداء.

يعد قياس الأداء مهمًّا جدًّا، لأن التعطل أو التحميل البطيء يمكن أن يؤثر في تجربة الزبون تأثيرًا كبيرًا. وتساعد مقاييس الأداء على تحديد سبب ارتفاع معدل التخلي عن تطبيق الهاتف المحمول الخاص بالمصرف.

  • التسويق

يمكن للمصارف إجراء مجموعة متنوعة من الحملات التسويقية المستهدفة للعملاء المستفيدين من الخدمات المصرفية باستعمال الهاتف المحمول. على سبيل المثال، يمكن للمصارف تحديد المواقع الجغرافية للمتسوقين لتقديم عروض مناسبة لعملائهم، مثل تقديم زيادة مؤقتة في الخطوط. وإضافة إلى ذلك، يمكن للمصارف الاستفادة من واجهة الخدمات المصرفية باستعمال الهاتف المحمول باعتبارها محرك إعلان مصمم للتحليلات السلوكية التي تجمعها المصارف لتطوير حملات مخصصة لتفضيلات التسوق للعملاء.

  • الاحتفاظ بالزبائن باستعمال إشعارات الدفع والتطبيق

إنها تجعل العملاء مدركين للعروض والخصومات ذات الصلة، وتُعْلمهم بزيادة حدود الائتمان أو معلومات سعر الفائدة.

تمتاز المصارف التي طبَّقت هذا الخيار بالفعل بميزة تنافسية على المؤسسات المالية الأخرى. على سبيل المثال، يوضح BNP Paribas أن المصرف قد شهد زيادة بنسبة 60 في المئة في تصنيف متجر التطبيقات الخاص به بعد تطبيقه لإخطارات الدفع والتطبيق المستهدفة.

  • القدرة على استعمال الذكاء الصنعي

يشير الذكاء الصنعي (AI) إلى الإجراءات الذكية لبرمجيات الأجهزة والتطبيقات دون أي تدخل بشري. وهو يتضمن: التعلم الآلي، ومعالجة اللغات الطبيعية، والخوارزميات الذكية، وغيرها. يمكن أن يكون لتقنية الذكاء الصنعي تأثير كبير في الصناعة المصرفية باستعمال الهاتف المحمول. تحتاج المصارف إلى معالجة استفسارات العملاء على نطاق واسع، ويمكن الآن أن تقوم برمجيات التخاطب مع المستثمرين chatbots بهذه المهمة. فمثلًا، قدَّم Bank of America برنامج الدردشة Erica الذي ساعد العملاء على اتخاذ قرارات أكثر ذكاءً، حيث يمكن لعملاء هذا المصرف الحصول على المساعدة بالاستعانة بتقنية التعرف على الصوت أو الرسائل النصية، ويرسل Erica توصيات مخصصة، والترقيات، والعروض، وحتى أشرطة الفيديو التعليمية.

تعد خدمات الذكاء الصنعي فعالة جدًّا في اكتشاف الأنماط والسلوك الاحتيالي في الزمن الحقيقي، ويمكنها التنبؤ بمدى تقدم السلوك الاحتيالي.

 

فائدة استعمال تكنولوجيا الهاتف المحمول للعملاء

  • سهولة إدارة الحساب

تتيح تكنولوجيا الهاتف المحمول للعملاء إدارة أموالهم بوجه أفضل، وتحقيق أهداف مدخراتهم، وخفض ديونهم، والحصول على تنبيهات الحساب وتحويل الأموال على الفور، والتحقق من الودائع، إلخ.

  • توفير الوقت والجهد

يمكن للعميل الاستفادة من الخدمات الخاصة بحسابه في أي وقت وأي مكان وفقًا لحاجته.

  • أمن أفضل ومخاطر أقل

 الأمن هو أحد أهم اهتمامات العملاء، وذلك لأن أمان الأجهزة الإضافية يجعل الخدمات المصرفية باستعمال الهاتف المحمول أكثر أمانًا من نظيراتها العادية.

ومن أجل تحقيق أقصى قدر من الأمن، تلجأ المصارف إلى حلول أمنية مثل البيانات البيومترية كفحص بصمات الأصابع والشبكية إضافة إلى كلمات المرور التقليدية والمصادَقة الثنائية العامل. وتَستعمل جميع المؤسسات المالية تقريبًا التشفير لحماية المعلومات والخصوصية المالية، مما يضمن عمل الخدمات المصرفية بالهاتف المحمول دون قلق. يضاف إلى ذلك أنه من غير المحتمل أن تهدد البرامج الضارة أيًّا من التطبيقات، وذلك بسبب انتشار الأنظمة الأساسية. وحتى إذا فقد العميل هاتفه الخلوي، فإن بياناته المصرفية تبقى آمنة.

  • سهولة المقارنة

يمكن أن توفر الخدمات المصرفية باستعمال الهاتف المحمول لعملاء المصرف القدرة على مقارنة الخيارات في وقت ومكان الشراء. وفي الوقت نفسه، يمكن للمصارف أن تقدم لهؤلاء المتسوقين خدمات تكميلية، مثل: خيارات التمويل أو التأجير، واقتباسات التأمين (عن طريق الشراكات)، وغيرها.

 

التحديات الرئيسية في الخدمات المصرفية باستعمال الهاتف المحمول

تواجه المصارف تحديات كبيرة مع دخول لاعبين آخرين منافسين إلى هذه الأسواق وتغيير النظام البيئي لهذه الصناعة.

لم يُستورَد نموذج واحد بنجاح من بلد إلى آخر نظرًا للاختلافات الكبيرة بين البلدان من حيث الثقافة المصرفية، والبنية التحتية المالية التنظيمية واحتياجات العملاء، وتوزيع الدخل، واستخدام الهاتف المحمول... إلخ، حيث إن أي مصرف أو لاعب جديد يحتاج إلى فحص بلده أو سوقه بالتفصيل. وفي الوقت نفسه يمكن الاستفادة من بعض التجارب الناجحة في هذا المجال لتصميم الاستراتيجية المناسبة.

 وعلى المصارف الاستعداد للدفاع عن امتيازاتها من تهديدات المؤسسات المالية الأخرى، وشركات الجوال، ومعالجات بطاقات الائتمان، وغيرها من الجهات غير المصرفية التي ترغب في مساعدة المستهلكين على إجراء المعاملات المالية أينما كانوا عن طريق أجهزتهم المحمولة.

وعلى المصارف تطوير استراتيجياتها لتمكين العملاء من الوصول إلى حساباتهم بالهواتف المحمولة وغيرها من الأجهزة المحمولة، باعتبار أن هذا النظام الأساسي الناشئ بمثابة حافز لتوليد كفاءات تشغيلية ووسيلة لمصادر إيرادات جديدة، وتحويل اقتصاديات المصارف، وخلق حوافز إضافية للمصارف لخدمة العملاء بطريقة أفضل وأشد كفاءة. وكلما زادت المعاملات التي يمكن أن تقودها المصارف للهواتف المحمولة، زاد إمكان إغلاق الفروع الضعيفة الأداء، وزادت كفاءة التشغيل عن طريق تحويل تركيز موظفي الفروع من المعاملات إلى المزيد من الخدمات الاستشارية التي من شأنها أن تؤدي إلى زيادة المبيعات أو التبادل.

توفر هذه المنتجات والخدمات الجديدة والمريحة للمؤسسات المصرفية طريقة لإعادة الاتصال بقاعدة عملائها واستعادة بعض الثقة التي فقدت نتيجة للأزمة المالية.

إن التطور المستمر واعتماد الخدمات المصرفية باستعمال الهاتف المحمول يتطلب من المصارف التغلب على التحديات والحواجز التي يمكن تخفيف معظمها باتباع نهج منضبط ومركّز. كما هو الحال في العديد من الأسواق الناشئة، فإن سرعة التغيير كبيرة، ويجب أن تكون المصارف مستعدة للتكيف وفقًا لذلك بأخذ النقاط الآتية في الحسبان:

  • تجربة العملاء والوعي

على الرغم من شعبية الخدمات المصرفية باستعمال الهاتف بين قطاعات السوق الأصغر سنًّا، فإن العديد من العملاء لا يقدِّرون القيمة المضافة التي يوفرها استعمال الهاتف المحمول. ولذلك فإن المصارف تحتاج إلى تثقيف عملائها بفوائد الخدمات المصرفية باستعمال الهاتف المحمول، والتأكد أنهم يميزون أنفسهم عن الحلول المنافسة الأخرى عن طريق توفير ميزات متقدمة.

  • قابلية تطوير النظام الأساسي

يحتاج المطورون والمصارف إلى إنشاء تطبيقات برمجية تدعم العديد من أنظمة تشغيل الأجهزة المحمولة (ومنها: iOS4 و Android و BlackBerry OS و Windows Mobile و Symbian)، وإلى نماذج متعددة: الهواتف الذكية، وأجهزة iPad وأجهزة الكمبيوتر اللوحية، ومعايير اتصالات متعددة، يمكن تطويرها بسهولة لدعم الميزات والتطورات الجديدة.

  • التكامل المعقد ونموذج الشراكة

لتحقيق الكفاءة التشغيلية وتحقيق إمكانات النمو الكاملة، تحتاج المصارف إلى دمج منصاتها المصرفية الحالية - ومنها الخدمات المصرفية الأساسية وإدارة علاقات العملاء ومراكز الدفع - في الحلول المصرفية باستعمال الهاتف المحمول.

كما تحتاج المصارف أيضًا إلى العديد من الشركاء؛ مثل: مزودي الاتصالات، ومنافذ التواصل الاجتماعي، ومقدمي تحليل البيانات، وتجار التجزئة، وشبكات الدفع، ومصنعي الأجهزة المحمولة.

ومن الشركاء المهمين تجار البيع بالتجزئة، حيث يحتاج المصرف لاعتماد حلول الدفع بالهاتف المحمول إلى التجار وتبصيرهم بفوائد تثبيت الأجهزة الطرفية في نقطة البيع ليتمكن العملاء من الدفع بالهواتف المحمولة.

  • زيادة الضغط من المنافسين

من الصعب التمييز بين المصارف ومقدمي الخدمات الآخرين. ومع ذلك، فمن المؤكد بأن المستفيدين الأوائل من الخدمات المصرفية باستعمال الهاتف المحمول يتمتعون بميزة تنافسية في جذب عملاء جدد. يضاف إلى ذلك، أن المصارف ستواجه منافسة متزايدة من مزودي الاتصالات وغيرهم من غير الشركات المصرفية التي تقدم خدمات تتنافس مع الخدمات المصرفية باستعمال الهاتف المحمول. وهذا يدفع المصارف لاتخاذ خطوات تميز الخدمات المصرفية باستعمال الهاتف المحمول عن الخدمات البديلة بحيث يعتبر المستهلكون عروضَ المصارف متفوقة.

الخاتمة

أضحت الاستفادة من التطبيقات المصرفية باستعمال الأجهزة المحمولة أمرًا حتميًّا نظرًا للتطور التكنولوجي السريع ولضرورة مواكبة حاجات العملاء وتلبيتها بأسرع وقت ممكن وبأقل تكاليف، وتُستعمل عادةً الوظائف المدمجة في الجهاز المحمول لتوفير تجربة مصرفية أفضل. ورغم تعدد فوائد التكنولوجيا لتقديم الخدمات المصرفية باستعمال الأجهزة المحمولة للمصرف وعملائه، لا يمكن تجاهل التحديات الناجمة عنها، ومن أبرزها ازدياد المنافسة وازدياد حاجة المصرف إلى تطوير استراتيجياته.

 

المراجع

 

قد ترغب كذلك بقراءة
الهادوب وإدارة وتحليل البيانات الضخمة
نظم استرجاع المعلومات الموجهة لشبكات التواصل الاجتماعي